أتوقع أن تأتي الإجابة السريعة بأن الموضوع ليس فشلاً بل تأجيلاً، لكنني أرى أن التأجيل للمرة الثانية لمؤتمر دوري معروف مواعيد عقده منذ عام مضى يعني الفشل، وربما هو امتداد لفشل البرنامج الثقافي المصاحب لمعرض الرياض للكتاب. لنقترح أسباب فشل أو عدم القدرة على عقد المؤتمر في موعده المحدد سلفاً.
الاحتمال الأول هو ضعف المادة العلمية المقدمة، وضعف المشاركات، التي جعلت القائمين على المؤتمر يؤجلونه؛ عل وعسى أن تأتي مشاركات جديدة ترتقي بمستواه. في هذه الحالة، سأواجه الأدباء السعوديين - وأنا لست منهم - بالقول إنه لا يوجد أدب سعودي ولا توجد كفاءات سعودية قادرة على تقديم مواد أدبية علمية ترتقي لمستوى مؤتمر علمي. هذا استنتاج مؤلم تقبله في ظل هذا الكم من كليات الآداب والعلوم الإنسانية وهذا الكم من الأكاديميين والأدباء المتخصصين والمهتمين بالأدب. أكتب هنا من خارج الصندوق، ولعل أهل الاختصاص يكون لديهم الجرأة لمواجهة هذا الاستنتاج، إن كان حقيقة!
الاحتمال الثاني هو تواضع القدرات التنظيمية لدى الجهة المفترض بها التخطيط والإشراف على تنفيذ هذا المؤتمر. وكما اعتبرت الاحتمال الأول وجيهاً أعتقد أن هذا الاحتمال يحمل الكثير من الصحة، إذا ما ربطنا هذا الفشل التنظيمي والإداري بما حدث من فشل وتواضع في البرنامج الثقافي المصاحب لمعرض الرياض للكتاب. البرنامج الثقافي المصاحب لمعرض الرياض للكتاب فشل بدليل تواضع عدد الحضور، وعدم الإقبال عليه. نتحدث عن البرنامج الرسمي وليس ما كان يحدث في ردهات الفنادق من نقاشات وجدالات. أحد أسباب الفشل كان في آلية اختيار المتحدثين؛ إذ أتت وفق رؤى شخصية وارتجالية، حتى أن البرنامج المكتوب حوى أسماء لم توافق على الحضور أو لم تحضر، وبعض تلك الأسماء صرحت بذلك عبر وسائل الإعلام. وهذا أمر طبيعي لما بدأ به التنظيم من المجاملة في اختيار الأسماء المشرفة على البرنامج حتى لكأن المثقفين القادرين على الإشراف على جميع نشاطاتنا الثقافية هم فقط المنتمون لقسم اللغة العربية بجامعة واحدة!
لقد أوضحت وكالة الشؤون الثقافية أن التأجيل لمؤتمر الأدباء جاء حرصاً من الوزارة على إنجاح المؤتمر، وعدم تعارضه مع الكثير من الفعاليات كالملتقى التنسيقي للجامعات والمؤسسات المعنية باللغة العربية، وغيره من الفعاليات. هذا يؤكد أن مرجعية القائمين على الوكالة والمؤتمر لقسم اللغة العربية جعلتهم يتصورون أن اللقاء الأكاديمي حول اللغة العربية سيعيق اهتمام الأدباء بالمؤتمر، وهو تصور نابع من المفهوم الضيق باعتبار الثقافة محصورة في أساتذة قسم اللغة العربية.
هناك حاجة إلى إنقاذ النشاطات الثقافية الرسمية من الفشل الذي عانته، وأحدد الرسمية النابعة من وكالة الوزارة للشؤون الثقافية؛ لأن هناك برامج تقيمها بعض الأندية الأدبية وتحظى بنجاح أفضل.
أقترح في هذا الشأن الآتي:-
أولاً: دمج مؤتمر الأدباء بالنشاط الثقافي المصاحب لمعرض الرياض للكتاب؛ لتكون فعالية واحدة.
ثانياً: إعادة تسمية مؤتمر الأدباء السعوديين بمؤتمر الأدب العربي؛ ليكون متاحاً لجميع الأدباء العرب.
ثالثاً: طرح تنظيم المؤتمر في منافسة بين الجامعات، ودعم الجامعة التي تفوز بأفضل عرض علمي وتنظيمي للمؤتمر.
أعتقد أن وزارة الثقافة يجب ألا تكون معنية بتنظيم مؤتمرات علمية، وعليها الاكتفاء بتقديم الدعم للجهات العلمية القادرة على تنظيم المؤتمر كالجامعات.
malkhazim@hotmail.comلمتابعة الكاتب على تويتر @alkhazimm