حينما يخاطب أمير منطقة مكة المكرمة الأمير خالد الفيصل البنوك السعودية، خلال افتتاحه للملتقى والمعرض الوطني الثاني للأسر المنتجة بقوله: كفاكم تفكيراً في أنفسكم، وفي أرباحكم، وافعلوا شيئاً للوطن والمواطن. فإن ذلك يشير إلى ما كتبته مراراً في هذه الزاوية، حول أهمية مساهمة البنوك التجارية السعودية في الخدمة الاجتماعية في هذا الوطن الذي قدم لهذه البنوك الكثير، وحق له أن يطالبها برد المعروف، وتقديم الدعم المالي لكثير من مشروعات المواطنين، وتحقيق أحلامهم الصغيرة، من خلال اقتطاع نسبة ضئيلة من أرباحهم المليارية!.
فإذا كان هذا الوطن بكل خيراته، بدءاً من احتلال 21 ثرياً سعودياً ضمن قائمة الأثرياء المائة العرب حسب مجلة «فوربس»، وانتهاء بأرباح البنوك التي حققت 7.6 مليار ريال فقط في الربع الأول من هذا العام، وهي التي دعمها المواطن برهن رقبته إلى قروض استهلاكية خلال الربع الأول من هذا العام فاقت الـ63 مليار ريال، فضلا عن ميزانية الدولة الاستثنائية بأرقامها الفلكية، أقول إذا كان الوطن يزخر بكل ذلك، ويتعثر في توفير الأحلام البسيطة لمواطن ينتظر سقفاً يستظل به عن الإيجارات التي تثقل كاهله، أو سريراً يرعى صحته حينما يمرض، فلابد أن هناك خللا كبيرا في الوزارات والإدارات التنفيذية، والقطاع الخاص ببنوكه وشركاته الضخمة والرائدة!.
عوداً إلى دور البنوك وتصريح الفيصل، فهي أكثر القطاعات استنزافاً للمواطن، سواء عبر الاستفادة من الفوائد البنكية التي تحصل عليها من القروض الشخصية والعقارية، أو من خلال الخدمات المصرفية من إيداع المرتبات والتوفير، خاصة أن معظم السعوديين لا يحتفظون بحسابات ادخارات، عبر ودائع بنكية يحصلون من خلالها على فوائد، لأسباب دينية، مما يجعل هذه البنوك تكسب مرتين، من الحصول على السيولة دونما مقابل، ثم إقراض هذه السيولة بفوائد بنكية، حتى وإن تنوعت مسمياتها!.
لذلك من الطبيعي أن تخجل إدارات هذه البنوك، وتبادر بالأعمال الخيرية والإنسانية، وترعى المشروعات الأسرية الصغيرة، خاصة أن هناك العديد من الأسر المنتجة، والتي حققت نجاحات مذهلة، في ظل البطالة التي أصابت أفراد هذه الأسر، خاصة من النساء خريجات الجامعات العاطلات عن العمل، بل إن مبادرة البنوك وغيرها من شركات القطاع الخاص، بتحويل هذه المنتجات الأسرية البسيطة إلى نواة مصانع أسرية صغيرة، تنمو وتكبر مع الزمن، هو ما يدعم القطاع الخاص ويجعله أكثر نماءً وصلابة. لذلك فكلنا نردد مع الفيصل: كفاكم تفكيراً في أنفسكم، وفي أرباحكم، وافعلوا شيئاً للوطن والمواطن!.