....(1)....
ليل العذاب بلا آخر، هكذا يبدو لمن يتجرع مرارة الظلم والأذى والاضطهاد والقهر في منزله وحارته، في رزقه وممتلكاته، والأهم من ذاك في نفسه وعائلته وأقاربه وأحبائه..
وهكذا هو هذا الزمن بالنسبة للأشقاء السوريين بعد إخوتهم الفلسطينيين الذين طالت قضيتهم فتصالحوا معها ولو ظاهراً فقط..
مضى دهر على ما يحدث في سوريا، هو هكذا بالنسبة لشعبها الأبرياء نساء ورجالاً وأطفالاً الذين لا ذنب لهم سوى أنهم تواجدوا في زمن وحشي لا يرحم، استبد بهم الظالم وتكالبت عليهم الكوارث وتخلت عنهم الدول القوية التي تضع مصالحها المادية في المقدمة، لم أعد أطيق ولا أحتمل مشاهد العنف والدماء وربما ثمة عدد هائلٍ هُنا وهناك مثلي يشاركونني مرارة هذا الإحساس، لم نعد نحتمل تلك المشاهد المؤلمة لا لأن الأمر لا يهمنا ولا لأننا غير معنيين به، لكن لأننا عدا الوجع الروحي الذي نشعر به يصيبنا إحساس بالعجز وقلة الحيلة والخوف من الأيام القادمة، وفي خضم هذا الصخب يبدو الإعلام هو سيد الموقف وصاحب البطولة الذي هو الوسيط بيننا وبين ما يحدث على أراضي الشام، والمشكلة أن هذا الإعلام أيضاً متضارب اختلط فيه الحابل بالنابل لا تدري من أي مصدر تأتيك الكذبة ولا في أي كهف تختبئ الحقيقة، فاللهم رحمتك.
....(2)....
سألت مرة بنفسي فعلمت أن جامعة الأميرة نورة بنت عبدالرحمن لا يريدون توظيف سيدات محاضرات سعوديات تجاوزن الخامسة والثلاثين مهما كانت تخصصاتهن! بينما في الوقت ذاته رأيت في بداية افتتاح مدينة الملك فهد الطبية مستشارَيْن لا ينتميان لبلد عربي وإنما لخارج الحدود، رجل وزوجته يعملان في المدينة رغم أن كلاً منهما لا يقل عن الستين، وهكذا نحن طيبون مع الآخرين متسامحون، أشداء في غير موضع الشدة، ينطبق علينا المثل الشعبي الذي يقول بما معناه:
(النخلة لا تطرح ثمارها إلا في حوض غيرها)..
.....(3).....
من أجمل الشعراء الذين تمنيت لو أني تعاملت معهم في حياتهم الشاعر الجميل (محمد الثبيتي) لديه مفردات مميزة ولغة قوية مؤثّرة، على سبيل المثال في قصيدة تعارف:
يقول (كان يثوي بقربي حزيناً/ وَيطوي على ألمٍ ساعدَه)
مفردة يثوي رائعة، قلما تتكرر في النصوص الأدبية والشعرية رغم جمالها الباذخ، مفردة يثوي تعني في اللغة: ثوى، ثواء وثوياً: أقام واستقر، ثوى بالمكان وفيه..
وقد وردت في القرآن الكريم في سورة القصص آية 45 (وما كُنت ثَاوياً في أَهلِ مدينَ تتلو عليهم آياتنا ولكنّا كنّا من المُرسَلينْ) المعلومات اللغوية الآنفة مصدرها قاموس المعاني.
** حينَ أَجّجتُ نارَ الحقيقةِ حولي
وهممتُ بالقولِ/ لا فائِدَة/
كانَ يَثْوي بِقُربي حَزيناً..
وَيطوي عَلى أَلمٍ ساعدَه/ قُلْتُ: مَنْ؟
قَالَ: حَاتِمُ طَيّ... وأنْتَ؟
فَقُلْتُ: أَنا مَعْنُ بنُ زائِدَة.
الأبيات أعلاه من قصيدة “تعارف” للشاعر محمد الثبيتي رحمه الله.