يقتحمك الآخر..، يقض مضجع هدوئك..، وراحتك..،
ومع هذا فإن اقتحامه للحظاتك الفارغة..، أو لمواعيدك الشاغرة..، أو للحظة أنت فيها لعمل..، أو تكون في أداء واجب, فيسعدك اقتحامه..، ويزيدك تفاعلا..، وحيوية..، دون أن تتعمد قياس موقفك..، أو تقييمه..، بينما الآخر يقيسه بكل أبعاده..،
بحجم حاجته.. وربما أكثر..، وقدر وقوفك لها, وقد لا يفيك..،
ربما بوقع دموع ذرفها هلعاً..، فأسرعت إليه مجيباً..، ربما لاضطرابه، وخوفه فأقبلت إليه مبادراً..
حقيقة، إن اقتحام الآخر على أية حال تكون أنت فيها، هو محك لسعة صدرك..،
كما أنه ميزان لتوظيف قدرتك..، وهو أيضا قياس لمدى إنسانيتك..، وصدقك مع إمكاناتك..!
فكيف إن كنت ذاتك مسؤولا..،؟
بينما هناك من هم في موقعك لكنهم يغلقون كل سبيل عن الآخر..؟
ألا تكون المحكات مرآة، وإجابات..؟!
فسياسة الصدر المفتوح، نهج لسياسة الباب المفتوح.. تكون فيها للآخر قبل نفسك..
تلك غاية الرضاء والطمأنينة والسعادة..
فكل من ينهج نحو الآخر قبولا..، وتيسيراً..، وابتداراً.. فإنه إنسان متصالح مع نفسه، ومع عمله، ومن ثمَّ مع الآخر..
وهو إنسان يحمل قيما عالية من الأخلاق..
وهو إنسان مدرك لسياسة دولاب الدهر..
وهو من قبل, ومن بعد, موقن بأن هناك عيناً تراه, وملاكاً يسجل..،
تراه فتعطي, وتراه فترافقه، وتجزل له الرحمة والجزاء، ما كان في خدمة الناس،..
ولم ينُزل بينه, وبينهم أسواراً، ولم يقم بينه، وبينهم جداراً..
فالعوازل التي يضعها الناس بينهم, وبين الناس هي محكات أيضاً..
هذا في الوضع العام بين جميع الناس،..
فكيف إن كنت مسؤولا تفوق أعباء عملك سعة وقتك..، وتثقل كاهلك..، وتكون أنت مبادراً، قريبا من أسئلة الآخر..، وحاجاته..؟ فيجدك في اللحظة الحرجة.. ماثلا بصدق, عضداً بقوة..؟
ألا تكون حينها إنساناً في ميزان السمو الذاتي فائقا...، وفي الخلق رفيعا..، ومثالا للاحتذاء في التعاون، وقديرا في تحمل مسؤولياتك..؟
هناك نماذج مشرقة في المحكات..
بمثل ما هنالك نماذج مظلمة فيها..
فكن مع الناس يكن معك رب الناس..
فمن يحتاج إليك اليوم، قد تحتاج إليه في الغد..
وما يسرت للبشر إلا يسر الله لك.. تلك قاعدة في مبدأ الأخذ، والعطاء في سنن التعامل العليا..!
عنوان المراسلة: الرياض 11683 **** ص.ب 93855