ونحن نحتفل بذكرى البيعة الثامنة لتولي خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز - حفظه الله - سدة الحكم، يجدر بنا أن نحمد الله على أن ما أسسه وسعى إليه الملك عبدالعزيز - طيب الله ثراه - من اللحمة الوطنية التي تجعل الوطن في قلب الاهتمام وبنفس الدرجة من المواطن والقيادة، والاستقرار الذي هو الأرضية الأولى والضرورية للتنمية، قد تحقق في الفؤاد والبلاد وصارت مثل هذه السمات قاعدة وصفة للمجتمع السعودي، تلك الاستمرارية والامتدادية هي دليل نجاح في إدارة التنمية وتعمير الإنسان أولاً ثم تعمير الأرض والمشاركة في المجموع البشري في بناء كونٍٍ هادئ ومتطور وآمن.
والمراقب للسنين الماضية من تولي خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز - حفظه الله - سدة الحكم سيجدها مليئة بقرارات ومراسيم ملكية تختصر المسافة بين أصحاب القرار والقاعدة الشعبية كلما بدأت تطول، وتعزز قيم الوحدة ونماء الإنسان الذي من شروطه قناعة الإنسان بحقيقة نمائه وهذا ما حدث ويحدث في بلادنا المعطاء على مر تاريخها، أيضاً من ما يمكن قراءته بعمق هو الحب الشعبي لخادم الحرمين الشريفين - حفظه الله - بفضل حبه لشعبه حباً مترجماً على واقع حياتهم اليومية، فلقد جعل خادم الحرمين الشريفين من نفسه الكريمة مواجهاً لقضايا المواطن وجهاً لوجه وتصدى لها بقرارات سديدة وموافقات كريمة تعد تاريخية في حياة الشعب السعودي، ولعل آخرها برنامج (أرض وقرض) ليس لحل مشكلة الإسكان المتفاقمة فقط بل لتعزيز الاستقرار الاجتماعي للمواطن، وفي ما يقوم به خادم الحرمين الشريفين - حفظه الله - من منازلة القضايا الكبيرة للمواطن التي تنغص عليه صفو الحياة قمة الحكم الصالح وذروة الوفاء وأنموذج لصلاح البلاد وسؤددها ينبع من تلك القيم الوطنية التي زرعها وسقاها ورعاها حب الوطن الذي هو جزء من الإيمان وهو من جهة أخرى جزء من التاريخ السعودي الميمون وصل عمقه في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز - حفظه الله -، الحراك الثقافي وتعدد منابره هو أيضاً نتاج ومُخرج حضاري لحالة المرونة السائدة خلال السنوات الثمان يتيح للمواطن مساحة أكبر للمشاركة في القرار والمساعدة في اتخاذه من خلال مؤسسات السلطة التشريعية وعلى رأسها مجلس الشورى الذي شهد تصاعداً في صوته الحق وفعله النبيل داخل المجتمع بعد تحقيق شمولية مكوناته الاجتماعية.
سنوات من العطاء والتنمية بشقيها المادي والمعنوي يمكن لأي مؤرخ حاذق أن يجد فيها السمات الأصلية والجينات الحضارية لتلك البذرة الأولى لقيام الدولة السعودية الحديثة تحت ظلال الشريعة الإسلامية السمحة وحرص حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز وسمو ولي عهده نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز وسمو النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء صاحب السمو الملكي الأمير مقرن بن عبدالعزيز - حفظهم الله - على كرامة الإنسان السعودي بتوفير أسباب الرفاه والأمن والعزة وتسخير الدولة للشعب وليس كما يحدث في المجتمعات المتخلفة من تسخير الشعب للحكومة، كل ذلك جعل الإنسان في المملكة العربية السعودية يحظى بقيمة عالية وكبيرة في الميزان الدولي أيضاً فضلاً عن قيمته الوطنية والإقليمية والإسلامية.
لكن من يريد خلاصة هذه الفترة وأسسها سيجده في التطوير واقتران هذا التطوير باسم خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز - حفظه الله -.
فعدد من المشروعات المفصلية في مشروع التنمية السعودية المستمر، مثل مشروع الملك عبدالله بن عبدالعزيز لتطوير مكة المكرمة والمدينة المنورة والمشاعر المقدسة، ومشروع الملك عبدالله بن عبدالعزيز لتطوير مرفق القضاء، ومشروع الملك عبدالله بن عبدالعزيز لتطوير التعليم العام وغيرها، وهذه المشروعات التي برزت في ثمان سنوات فقط تشترك في اسم الملك عبدالله بن عبدالعزيز والتطوير، وهي بلا شك وبنظرة شمولية لباقي معطيات السنوات الثمان الماضية سيجني المجتمع السعودي والحياة المدنية ثمارها المحسوسة وغير المحسوسة في المستقبل فأثرها المادي سيتبعه تأثير إيجابي على الحياة المجتمعية اللا محسوسة في طرق التفكير وتعزيز الثقة في الشخصية الحضارية للإنسان بفعل العامل الاقتصادي المصاحب وعوامل الاستقرار والطمأنينة والمشاركة في البناء.
التطور المتدرج منذ عهد الملك عبدالعزيز - طيب الله ثراه - والإضافات المدروسة على كمية التنمية في عهود أبنائه الملوك هي السمة الأكثر وضوحاً في مسيرة الشعب السعودي وعلى تركيبة مكوناته الإنسانية والمدنية، وتلكم سمة يدركها المراقبون للتنمية السعودية التي تحرص على المواكبة بين اللياقة الحضارية للإنسان وإضافة مقادير جديدة من مخرجات التطور والتمدن والتحديث في العنصر المادي السعودي.
ففي ذكرى البيعة الثامنة - كما هو مشاهد وملحوظ بوضوح - تتوثق عرى الترابط والتماسك بين القيادة والشعب، ويبقى الوفاء والولاء والتلاحم عناوين ثابتة وكبيرة في تكوين الدولة السعودية، وهذه المنظومة من تلك التطويرات لم تكن لتكتمل لولا تفاعل المواطن مع طموحات الدولة، وهذا التفاعل هو سر آخر من أسرار اللحمة الوطنية في بلادنا الكريمة، وهذه الرؤى الملكية المستقبلية ما يدعمها ويعزز نجاحها مؤازرة صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع - حفظه الله - الذي يؤكد عليها في لقاءاته بالمواطنين في مختلف المناسبات، فقد قال سموه - حفظه الله - في كلمة ضافية مخاطباً الشعب السعودي من خلال حفل تخريج إحدى الدفعات الجامعية بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية قبل عامين: «إن هذه الدولة الآن برعاية كريمة من خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله - حفظه الله - وسمو ولي عهده الأمين وسمو النائب الثاني هي ولله الحمد قام حكمها بتعاون عظيم من شعب هذه البلاد، إنها منكم ولكم ومنكم وفيكم، والحمد لله الذي جعل أيامكم أيام خير وبركة» مؤكداً في ذلك توجه وخطاب خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز - حفظه الله - للشعب السعودي في هذا الجانب، وهذا التعاضد والتكامل والمواكبة بين القيادة والمواطنين هي العصب الحقيقي لتحقيق كل هذه التطويرات المخطط لها، وهي كلمة السر في هذا الحب الذي يعم البلاد والولاء والوفاء، فهنيئاً لنا بهذه السنين الثمان بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز وعضديه صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع وصاحب السمو الملكي الأمير مقرن بن عبدالعزيز النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء - حفظهم الله - والمستقبل مشرق إن شاء الله في ظل ما يلقاه الوطن من الرعاية الميمونة من حكومة خادم الحرمين الشريفين - حفظه الله - برؤيته السديدة، حفظ الله بلادنا من كل مكروه، ودحر كل نازق معتدٍ أثيم على قيمنا الوطنية التاريخية النبيلة؛ خارجٌ عن عقيدة الإسلام وتعاليمه.
والله ولي التوفيق.
أمين عام دارة الملك عبدالعزيز