شبابنا في خطر.. نحن جميعاً في خطر.. مستقبلنا في خطر.. كلمات نسمعها ولا نلقي لها بالاً أحياناً، ونصف من يتفوّه بها بالسوداوية والتشاؤم وتكبير الأمور.. الحقيقة أننا في خطر حقيقي، وللتأكد من ذلك يكفينا متابعة مواضيع مثل: تهريب وتجارة المخدرات، العمالة الأجنبية السائبة، التسلل والإقامة غير الشرعية في البلاد، التطرف الديني والتشدد وطرح الأفكار المعادية للثوابت الوطنية..
كل هذه مخاطر حقيقية لا يمكن السكوت عنها، وكلها تهدد استقرارنا الاجتماعي وسلامنا الوطني وهي أدوات يستخدمها المتربصون بنا، لتدمير دولتنا، وإضعاف قوتنا البشرية والاقتصادية.
المخدرات هي التهديد الأكثر تأثيراً في سلسلة ما نخشى تأثيراته السلبية علينا، لأنه السم القاتل لعزائم الشباب ولطموح المجتمع والمسبب الرئيس للعنف الأسري وحوادث الاغتصاب وعقوق الوالدين والاعتداءات الجنسية الشاذة. المخدرات هي مفتاح الشرور والمؤثر السلبي الأبرز على التنمية، ومن لا يصدق أو يشكك في ذلك عليه إلقاء نظرة على واقع شريحة المدمنين وعلى خفايا هذه التجارة القاتلة وعلى الإحصائيات الصحيحة التي ترصد الواقع الاجتماعي وتأثيرات هذه الآفة على الاقتصاد.
“نحن في حرب مفتوحة”.. هذا ما قاله اللواء عثمان المحرج وهو يرد على سؤالي باختصار عن ما تقوم به إدارته في مواجهة الاستهداف المباشر لشباب البلاد، والمحرج من الشخصيات الوقورة التي تزن الكلمات جيداً وعندما يقول شيئاً فهو يعنيه دون مبالغة أو مراوغة أو انتقاص، ولم يبالغ عندما وصف المواجهات بالحرب، فهذه العصابات تعمل ضمن دائرة واسعة للجريمة العالمية المنظمة، والداخلية السعودية بقيادة الأمير محمد بن نايف الموجّه الأول لأعمال مكافحة المخدرات في البلاد، تعرف مصدر الاستهداف وأبعاده السياسية وتتعامل معه بحكمة واحترافية.
عندما نعرف أن نسبة تهريب وتجارة المخدرات في السعودية ارتفعت بنسبة 1000% خلال تسع سنوات، وأن حبوب الكبتاجون التي يتم ضبطها أعدادها بالملايين وكذلك عشرات الأطنان من المواد المخدرة الأخرى إضافة إلى مواد مصنعة محلياً، نتيقن بأن المخدرات في السعودية أداة حرب وليست مجرد مشكلة انحراف مراهقين! وعندما نعرف أن الإدمان انتشر في أوساط النساء السعوديات ومنهن من لم تتجاوز أعمارهن 15 سنة وبأنواع مختلفة من المخدرات، نقول إن المجتمع المحافظ يتلقى ضربة قوية وموجعة من عصابات استطاعت اختراقنا!
نحن أمام مشكلة لا تختلف كثيراً عن مشكلة الإرهاب، ولا تقل أهمية عن حالة انتشار فايروس معدٍ وقاتل، نعم يجب أن نبدي مشاعر الخوف والخشية ذاتها التي انتابت أغلبنا عندما تم اكتشاف ما يسمى بأنفلونزا الخنازير “كفانا الله الشر”، يجب أن نخاف لنسلم من كارثة تحيط بنا.
ولأنها حرب كما وصفها المحرج علينا أن نتكاتف ونتعاون ونثق بوزارة الداخلية التي وقفت بوجه الإرهاب، وعملت على حمايتنا بفضل الله وتمكينه من شرور أهل الضلال والإفساد، واليوم هي تقف بوجه عصابات المخدرات ولا اختلاف يذكر في المصالح والتنظيم على الأقل بين عصابات المخدرات وعصابات القتل والتدمير والإرهاب.
من تسبب في وقوعنا بسهولة في فخ المخدرات؟ وهل نحن مجتمع سهل الاختراق؟ وهل ستبقى المديرية العامة لمكافحة المخدرات في حالة حرب مستمرة؟
الذي تسبب في وقوعنا بسهولة في هذا الفخ، هو ذاته المسبب لمشكلات أخرى تفشت مثل التطرف والإرهاب، فالمسبب باعتقادي واحد للانحراف في اليمين أو في الشمال، وهنا يجب أن ندرس واقعنا الاجتماعي بتجرد ودون مجاملات أو تجميلات تزيد الأمور تعقيداً، أما اختراقنا، فهو أسهل مما نتوقع حتى لو كنا أكثر المجتمعات تحفظاً ومحافظة أو حتى انغلاقاً، لأن الضغط يولد الانفجار، والانفجار الحاصل هذه الأيام اجتماعياً أكثر سوءاً مما يمكن تخيله وتصديقه، أما الحرب فهي مستمرة طالما أغفلنا المسببات الاجتماعية، ولم نعمل بإتقان ووطنية عالية جنباً إلى جنب مع وزارة الداخلية فالمسؤولية مشتركة وهذه الحرب الكبيرة لا يمكن أن تنجح دون وقوف الجميع معها.
حمانا الله من كل الشرور وأهلها...
Towa55@hotmail.com@altowayan