يعاني العالم من اضطرابات التغير المناخي الناجم عن التدمير المفرط للتنوع البيئي، حيث أدى ازدياد التوسع في إقامة المصانع التي تنفث الغازات والأكسدة والاعتداء الجائر على الغابات والمحميات الطبيعية إلى ازدياد نسبة ثاني أوكسيد الكربون وتقلص الأوكسجين، مما أدى إلى توسع فتحة الأوزون في الفضاء لتتسرب الغازات التي أثرت على المناخ العام، فكثرت الفيضانات والسيول، وشهدت أكثر من بقعة في العالم حالات من تسونامي التي أحدثت كوارث طبيعية لم يعرفها العالم.
والمحزن أن الذي يتسبب في هذا الخلل هي الدول الأكثر قدرة على إصلاحه، فهذه الاضطرابات التي يشهدها العالم سببها التوسع في إقامة المصانع النافثة للغازات والأبخرة وتخلت عن القيام بمشاريع توازن بين عملية (التخريب) من خلال التوسع في إنشاء الغابات والمزارع والتنوع الحيوي والمحافظة عليها.
وفي الوقت الذي تتجاهل الدول الصناعية الكبرى كالدول الثماني الصناعية إضافة إلى الصين والهند القيام بمبادرة لتوسيع الرقعة الخضراء في العالم وتقليص المصانع التي تنشر الغازات والأكسدة تقوم دول صغيرة بواجبها بل أكثر من ذلك، فدولة كجمهورية الصين الوطنية (تايوان) تقوم بجهود جبارة ليس فقط في الحفاظ على الرقعة الزراعية الخضراء، بل العمل على توسيعها وتطويرها، وقبل أيام وضمن وفد صحفي ضم العديد من الزملاء في الصحف العربية ومن أمريكا وبريطانيا وكندا وروسيا واليابان وتايلند اطلعت وعلى مدى أسبوع كامل على هذه الجهود التي تمثلت ليس في الحفاظ وتطوير الرقعة الزراعية الخضراء، بل إضافة مساحات خضراء أخرى والعمل على التنوع البيئي من خلال الحفاظ على الكائنات الحية كالطيور والاسماك وتطوير معالجة المخلفات البلاستيكية، فعلى طول الشريط الساحلي لجزيرة تايوان وبالقرب من الأنهر في الجزيرة تقام مزارع الأسماك والطيور، إضافة إلى العمل على رعاية الشتلات الزراعية، مما رفع من الرقعة الخضراء على طول البلاد وأصبحت منتجعات وغابات وحدائق تعج بالزوار من الصينيين ومن السواح، اضافة إلى انتاج ملايين الأطنان من الأسماك ومن ثمار البحر والطيور بكل أشكالها وخاصة البط الذي يعشق الصينيون وعموم شعوب شرق آسيا تناوله.
التجول في الغابات والمزارع المفتوحة في تايوان تجربة ثرية ونموذج للذين يعملون على إصلاح ما خربه الجشعون الذين ملؤوا أجواء العالم بالسموم وتخلوا عن دورهم في إصلاح الخلل البيئي فجاءت تايوان لإصلاح ما يمكن إصلاحه.
jaser@al-jazirah.com.sa