ها آنذا منذ ثلاثين عاماً تحمل الصخرة الثلاثية الأبعاد: (الوعي، التحديث، التقدم) وها آنذا تصعد بها جبل الحياة خطوة خطوة. وكلما وصلت إلى مرحلة (مقنعة) جلست تتأمل خلفك مراحل (تطور الجبل): في المرحلة الأولى أيقنت أن (المعرفة) قد بدأت تنمو كالأعشاب الغضة فتبسمت في وجه السماء ثم نظرت باتجاه القمة وواصلت الصعود (كانت تتبعك بعض الأشجار الخضراء) وتبتسم مثلك للحياة وتحثك على مواصلة المسير (في المرحلة الثانية حينما جلست تتأمل خلفك سفح الجبل رأيت أن الأشجار قد أخذت بالتورد وأن الجبل قد كساه النوار وأيقنت أن (التحديث) هو سنة الحياة وبالطبع أخذت تغني بأعلى الصوت ثم حملت صخرتك لتواصل المسير).
وفي المرحلة الثالثة حينما جلست تتأمل تكوينات الجبل رأيت الصخور تعانق الأزهار وحينما تمخرها الريح يتواشج الحفيف بنداوة الغيم ويشكلان مع تمايس الأزهار وتمايل الصخور سمفونية رائعة الإدهاش فيما كان قوام الجبل ملوناً بالزرقة الشفيفة والاخضرار البهيج. وبالطبع ضحكت يا سيزيف ملء القلب بانتصارك الفظيع باعتبار أن (التقدم) هو الحلم الحقيقي للحياة.. وفيما أنت في غمرة الانتصار قلت لم يبق لي سوى أن أدفع هذه الصخرة الرائعة - قليلاً - لتتربع فوق القمة كشاهد على انتصار الحياة على (الموات والسكون والثبات)، ولكنك ما أن زحزحتها قليلاً كي تستوي جيداً حتى هوت متدحرجة نحو السفح وبشكل شنيع!! وبالطبع وقفت يا سيزيف مبهوتاً ذاهلاً لا تلوي على شيء وأنت تتأمل انحدارها الفظيع ولكنك من خلال ذلك لم تلمح فيما بعد سوى الجفاف والصفير والخواء والصخور الناتئة الكئيبة الجرداء التي تكسو (تجاعيد الجبل). بينما ظلت الصخرة توالي الانحدار.