في كل زيارة لجامعة الإمام لحضور إحدى الملتقيات العلمية أتأكد من أن جامعة الإمام تعيش ولادة، والآن تشهد ولادة جديدة بعد أن خطت خطوات سريعة في فتح المجال إلى التخصصات العلمية والتطبيقية مثل كليات: الطب, والعلوم الطبية التطبيقية،والهندسة والحاسب وتخصصات العلوم الطبيعة.
أما لماذا الولادات السريعة فلأن جامعة الإمام ارتبط تعليمها بالمعاهد الدينية، وهي من استوعب تلك البدايات للتعليم: تعليم العلوم الشرعية والعربية. التي بدأت بالمساجد والكتاتيب ودور العلماء, ومنذ عام 1370-1950م أنشئت المعاهد العلمية الشرعية، وعام 1337هـ-1952م تم افتتاح كلية الشريعة. من تلك الإرهاصات وحتى الآن جامعة الإمام تعيش مخاض الولادات المتكررة حتى وصلت إلى تعداد (150) ألف طالب وطالبة هذا العام.
تشكلت جامعة الإمام في السنوات الأخيرة لتصبح أحد المحاور العلمية القوية في توازن الجامعات السعودية رغم أنها ارتبطت بالتخصصية كونها تبنت من البداية العلوم الشرعية والعربية علما أنها ليست الوحيدة في هذا الإطار العلمي التخصصي فهناك جامعة أم القرى، والجامعة الإسلامية، وجامعة طيبة، ومعظم الجامعات التي لديها كليات تربية والآداب لها من الخريجين في مجال الشريعة واللغة العربية, فقد دفع مدير الجامعة د. سليمان أبا الخيل بالجامعة لتكون منافسا في المجال التطبيقي لجامعات عمرها في هذا المجال نصف قرن وزاد في استيعاب القبول في تخصصات العلوم الإنسانية حتى وصلت رقما لم تصله الجامعات السعودية (150) ألف طالب وطالبة. هذا التحدي والولادة التي اشرت إليها غير مشاهد لمعظم المتابعين لنمو الجامعات لأنهم يرون في جامعة الإمام مقاعد وقاعات وأعضاء هيئة تدريس فقط, في حين أنهم يتحدثون كما يعتقدون عن مختبرات ومعامل ويرون في محدودية عدد الطلاب مطلبا عالميا للتعليم الجامعي. وهذا ما عنيته من أن د. أبا الخيل يتحرك في دائرة محصورة وحساسة ورغم ذلك استطاع أن يوازن بين متطلبات جامعة متخصصة ومتطلبات سوق العمل دون أن يكون حبيس دائرة ضيقة أو توجهات لا ترى للجامعة سوى هذا الاتجاه.
جامعة الإمام ومثلها الجامعات العريقة في العالم الإسلامي المتخصصة في علوم الشريعة اكتشفت ووصلت إلى حقيقة تنوع العلوم وعدم حرمان الطلاب من التخصصات التي يرغبونها في العلوم الطبيعية وجبرهم على التخصصات الأدبية والإنسانية والإدارية.. ليست جامعة الإمام الوحيدة المتخصصة في العلوم الشرعية وكما أشرت معظم الجامعات تقدم هذه التخصصات الشرعية والعربية لذا تجاوزت إدارة الجامعة تلك التوجهات الأولى لتطرح نفسها منافسا في العلوم التطبيقية رغم التحديات، ومن تلك التحديات المدينة الطبية التي أصبحت عالقة في دهاليز البيروقراطية في وزارة المالية من حيث التمويل ومقر المدينة التي ترى الإدارة أهمية قربها من الجامعة, والرأي الآخر الذي يرى أن تكون بعيدة في مساحة تعادل مساحة الجامعة الحالية التي ظلمت عندما قبلت أن تكون محصورة بين الطرق الكبيرة التي لا تسمح بنمائها, وزارة المالية في عدم مبادرتها لتفعيل المدينة الطبية الجامعية لجامعة الإمام تفوت الفرص على جيل من الأبناء يرغب في أن يسابق الزمن ويتأهل علميا في وطنه بعد أن بدأت أبواب الطب تغلق وتضيق أمامهم في الجامعات العالمية