يمتد تاريخ ضرماء إلى العصور الجاهلية؛ فقد كانت سلة غذاء بلاد اليمامة وما جاورها من البلدان، لخصوبة أرضها ونقاء هوائها، وكانت تحمل اسم (قَـرَماء)، فتغير نطقها عبر الأزمان المتطاولة إلى ضَـرماء.
قال ياقوت في معجم البلدان: قَرَمَا بالتحريك والتخفيف، وميم بعدها ألف مقصورة، بوزن جَمَزَى وبَشَكى، من القَرْم وهو الأكل الضعيف، يقال: قَرَمَ يقرِمُ قَرْماً، والقَرَم، بالتحريك: شهوة اللحم، قال ثعلبٌ: ليس في كلام العرب فَعَلاء إلا ثَأَداء وله ثأداء أي أمَة وقَرَماء، وهذا كما تراه جاء به ممدوداً، وقد روى الفرّاء السَّحَناء وهو الهيئة، قال ابن كَيسان: أما الثأداء والسّحَناء فإنما حُرّكتا لمكان حرف الحلق كما يسوغ التحريك في مثل الشَّعَر والنهرَ، وقرَما ليست فيه هذه العلة وأحسبها مقصورة مدها الشاعر ضرورة، ونظيرها الجَمَزَى في باب القصر: وهي قرية بوادي قَرقَرَى باليمامة، قال أبو زياد: أكثر منازل بني نُمَير بالشّرَيف بنجد قرب حمى ضريّة، ولنُمير دار باليمامة أخرى لبطن منهم يُقال لهم بنو ظالم، وبنو ظالم شهاب ومعاوية وأوس، ولهم عدد كثير، وهم بناحية قَرْقَرَى التي تلي مغرب الشمس، ولهم قَرَما قرية كثيرة النخل وهي التي ذكرها جرير في هجاء بني نمير؛ إذ قال:
سيبلُغ حائطَي قَرَماء عَني
قَوافٍ لا أريد بها عِتابا
وقال السُّلَيْك بن سُلَكةَ:
كأن حَوافِرَ النَّحّام، لما
تروّحَ صُحبتي أصُلاً مَحَارُ
على قَرَماء عالية شَوَاه
كأنّ بياضَ غُرتّه خِمارُ
وقال الأعشى:
عرفتُ اليومَ من تَيّا مَقاما
بجَوٍّ أو عرفتُ لها خِياما
فهاجت شَوْقَ مخزونٍ طَرُوبٍ
فأسبَلَ دمعه فيها سِجاما
ويوم الخرج من قَرَماء هاجت
صِباك حمامة تدعو حَماما
فهذا كلّه ممدود، وروى الغَوْري في جامعه قَرْماء بسكون الراء: قرية عظيمة لبني نمير وأخلاط من العرب بشطّ قَرْقَرى، وحكى نصر: قَرْما من حواشي اليمامة يذكر بكثرة النخل في بلاد نمير، وقال الحفصي: قرما من قرى امرئ القيس بن زيد مناة بن تميم باليمامة.
وفي مراصد الاطلاع: قرما: بعدها ألف مقصورة (قرمى)، وقيل بالمد (قرماء)، قرية بوادي قرقرى باليمامة، وقيل بسكون ثانيه.
وقال البكري في معجم ما استعجم: قَرَمَاء مفتوح الثلاثة، ممدود، على بناءِ فَعَلاء. هكذا ذكره سِيبَوَيْه، وذكر معه جَنَفَاء، اسم موضع أيضاً؛ وقد تقدّم ذكر قَرَمَاءَ وتحديده في رسم الخُرْج.
وقال في رسم الخرج: فالخَرْج: من قَرَمَاء، قال تَأَبطَ شَرّاً:
على قَرَمَاءَ عَالِية شَوَاه
كأَنَّ بياضَ غُرَّتِه خِمَارُ
وتقدم أنها في قرقرى.
قال ابن منظور في لسان العرب في كلمة ثأداء: وأَما الأَسماء فقد جاءَ فـيه حرفان قَرَماءُ وجَنَفَاءُ، وهما موضعان. قال الشيخ أَبو مـحمد بن بري: قد جاء علـى فَعَلاَءَ ستة أَمثلة، وهي ثَأَدَاءُ وسَحَنَاءُ ونَفَساءُ لغة فـي نُفَساء، وجَنَفاءُ وقَرَماءُ وحَسَداءُ(2)، هذه الثلاثة أَسماء مواضعَ.
وفي موضع آخر قال: وقرمان موضع وكذلك قرماء، أنشد سيبويه:
علا قرماء عالية شواه
كأن بياض غرته خمار
قيل هي عقبة وقد ذكر ذلك في فرم مستوفى، وقال ابن الأعرابي هي قرماء بسكون الراء، وكذلك أنشد البيت على قرماء ساكنة، وقال هي أكمة معروفة، قال: وقيل قرماء هنا ناقة بها قرم في أنفها أي وسم. قال: ولا أدري وجهه ولا يعطيه معنى البيت. ابن الأنباري في كتاب المقصور والممدود: جاء على فعلاء، يقال له سحناء أي هيئة، وله ثأداء أي أمة، وقرماء اسم أرض وأنشد البيت.
وقال الزمخشري في الجبال والأمكنة والمياه: قَرْماء: قرية عظيمة لبني نمير وأخلاط من العرب بشط قرقرى.
وقال كحالة: نمير بن عامر: بطن من عامر بن صعصعة من العدنانية، وهم: بنو نمير بن عامر بن صعصعة بن معاوية بن بكر بن هوزان بن منصور بن خصفة بن قيس بن عيلان بن منصور بن نزار بن معد بن عدنان، وهم من جرمات العرب الثلاث. كانت منازلهم بنجد، وكانت لهم كثرة وعزة في الجاهلية والإسلام، ودخلوا إلى الجزيرة الفراتية. ومن ديارهم وقراهم: قرماء أضاح ملهم وقرَّان. ومن جبالهم: النبكاء. ومن مياههم: ذويقن غرَّب أجوية العويند الملاعة الوحزاء الشرّيف والنَّشناش. وأسلحتهم بنو العباس أيام المعتز فهلكوا ودثروا، وكانوا كالرعايا لبني حمدان يؤدون إليهم.
وقال الفيروزأبادي: وقرمى كجمزى ويمد ع باليمامة لبني امرئ القيس لأنه بناه.
وأما ضرماء في الوقت الحالي فإنها تقع على بعد (80كم) غرب الرياض، ويتبعها (5) مراكز و(25) قرية وهجرة، وعدد سكانها (30) ألف نسمة تقريباً، وتحدها شمالاً جبال طويق، وجنوباً محافظتا القويعية والمزاحمية، وغرباً محافظة شقراء وشرقاً مدينة الرياض. هي عبارة عن وادٍ فسيح، وتكمل أهميتها كونها منطقة زراعية قديمة، ومركز خدمة مهمة للمجاورين والمسافرين على طريق الحجاز القديم والجديد، وتشتهر بزراعة القمح والشعير والتمور والخضراوات والفواكه بالطرق الزراعية الحديثة، ولها نشاطات أخرى (تجارية وصناعية وتربية المواشي).
عبدالعزيز بن سعد الدغيثر