تنشط الدوائر الدبلوماسية الغربية والعربية والشرقية من أجل تأمين عقد مؤتمر سلام سوريا الثاني في جنيف، فالقوى الدولية تسعى إلى تحقيق أقصى ما يمكن الحصول عليه من التوافق وبالذات ما بين موسكو وواشنطن، والدول العربية تعمل من أجل إنهاء مأساة الشعب السوري ووقف المجازر التي يرتكبها النظام بعد أن وصل عدد الضحايا حسب ما أعلنته الأمم المتحدة إلى 94 ألف قتيل في حين تذكر المصادر بأن العدد يتجاوز ذلك بكثير.
واشنطن وإن شاب تفاؤلها حذرٌ من صعوبة التوصل إلى نوعية المشاركين في مؤتمر جنيف 2، إلا أنها تأمل أن يعقد المؤتمر في أوائل حزيران القادم، وحذرت من أن تغيّب نظام بشار عن المؤتمر سيكون سوء تقدير آخر من قبل النظام، أما موسكو الداعي الآخر للمؤتمر فتدفع بعقد المؤتمر بمشاركة أعضاء من نظام بشار الأسد لا يشكلون رفضاً أو استفزازاً للثوار، وطرحت خمسة أسماء على رأسهم وليد المعلم وزير الخارجية لقيادة وفد النظام للمؤتمر، أما الدول العربية وتركيا التي اجتمع وزراء خارجيتها في أبوظبي فأكدت على ضرورة إبعاد بشار الأسد شخصياً عن هذه المفاوضات التي يجب أن تتضمن نصاً يؤكد إبعاد بشار الأسد عن المرحلة القادمة، وسوف تلتئم في العاصمة الأردنية منتصف الأسبوع القادم مجموعة منتقاة من أصدقاء الشعب السوري وهم الدول الست التي اجتمعت في أبوظبي إضافة إلى أمريكا وبريطانيا وفرنسا، يسبقها اجتماع مصغر في باريس يضم كبار الخبراء في وزارات خارجية الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن.
هذه الاجتماعات والتحركات الدبلوماسية تسعى من أجل ضمان عقد مؤتمر جنيف (2) أولاً، ثم اختيار الدول المشاركة في هذا المؤتمر، كون المؤتمر كما يردد الأمريكيون بأنه سيكون الفرصة الأخيرة وإلا ستعمل الولايات المتحدة والدول الغربية على دعم المعارضة السورية بالأسلحة النوعية لإصلاح الخلل الاستراتيجي الذي تسببه الدعم السافر لروسيا وإيران ومشاركة مقاتلي حزب حسن نصر الله والمليشيات العراقية في معارك في سوريا، وقد أدى تدفق السلاح والمقاتلين للقتال إلى جانب قوات بشار الأسد ووقف دعم قوات المعارضة السورية إلى انسحابها من بعض المواقع لنفاد الذخيرة فيما تواصل قوات وشبيحة بشار الأسد ارتكاب المجازر التي رفعت من أرقام الضحايا.
والآن أمام الغرب والعرب الداعمين للثورة السورية خيار واحد لا ثاني له، إما إنجاح الجهود الدبلوماسية والسياسية وإقامة نظام لا يشارك فيه بشار الأسد والزمرة القاتلة المحيطة به، أو دعم الثوار بالسلاح وإقامة مناطق منزوعة السلاح لإنهاء نظام بشار الأسد بقوة السلام بعد أن فشلت كل الجهود السياسية التي آخرها مؤتمر جنيف (2).
jaser@al-jazirah.com.sa