انتظرت السائق الذي يسكن في قعر داري حوالي الساعة بعد إعلامه بنيتي للخروج، فاستهلك من الوقت ثلاثة أرباع الساعة ليستفيق ويبدل ثيابه ويجهز السيارة التي من المفروض أن تكون نظيفة ومزودة بالبنزين. وما إن وصلت المحل الذي أريد شراء حاجات المنزل منه حتى أذن المؤذن لصلاة الظهر فالتزمت السيارة أكثر من نصف ساعة حتى فتحت المحال التي احتشد العاملون فيها أمامها أو أقفل البعض أبوابها وهم داخلها، عندما انتهيت من التسوق وبعد ضياع وقت طويل في محاولة معرفة أسعار بعض السلع التي لا تحمل أسعاراً أو تلك التي تفاجأت بسعر آخر لها عند صندوق المحاسبة، فاجأني أن صناديق المحاسبة التي وقف الزبائن خلفها طوابير لم يكن يشغل العشرة المتوفرة منها سوى اثنتين رغم عددنا الكبير، مسكت دور لم انته منه إلا عند صلاة العصر، إذ أراد المحاسب أن يقفل الصندوق ودعاني للانتظار بعد الصلاة، ولولا احتجاجي لكان الأمر استغرق ساعة أخرى.
ذهبت لخياط الستائر التي مر على موعد تسليمها يومان، لكنها لم تجهز بعد.
عرجت على مطعم للوجبات السريعة ويا للمفاجأة، الطاولات متسخة وبقايا الطعام عليها. والوجبة التي أتى بها النادل وجبة باردة واللحم غير ناضج بطريقة قد يسبب السلمونيلا. وكي لا أكون كالشيطان الأخرس قدمت احتجاجي للمسؤول في المكان وقررت أن أقدم شكوى لجهة مسؤولة قد تفتش المكان وتحمي العباد مما قد يكون.
وبعد زحام شديد تساءلت عن أسبابه في مدينة كبيرة كالرياض فسيحة الشوارع كثيرة الجسور، عدت إلى المنزل لأجد إحدى الخادمات قد غادرت (هربت)، ولما سألت الأخرى قالت إنها وجدت عملاً آخر براتب يزيد بخمسين ريالاً، فأدركت على الفور ما قد ينظمه قرار وزارة الداخلية بإلزام العمالة بالعمل لدى كفلائهم فقط، وما قد يجنب الأفراد من فوضى وقلق وتحكم هذه العمالة واستبداد بعضها برب العمل.
وبدأت معاناة البحث عن خادمة وعبء الإجراءات. والوقت الطويل الذي قد يلزم لاستقدام خادمة أخرى من ديارها، وعدم وجود بديل مؤقت.
مرت بذاكرتي رحلتي إلى هيوستن بأمريكا وطريقتهم الرائعة في استخدام عاملات بنظام الساعات رغم منازلهم الكبيرة وأدوارها الكثيرة، فهل يمكن أن تكون أنموذجاً جيداً لنا في الدول العربية إن أحسنا التنظيم؟
ربما ستعيد لأسرنا الحميمية المفقودة بين الأفراد وتقوي صلة الطفل بأمه وتجنبنا الويلات مما نسمع يومياً من حوادث وقصص تروع ويندى لها الجبين.
في نهاية اليوم لم تكن هناك اقتراحات لسهرة عائلية لحضور مسرح أو سينما وثائقية، لذا اختفى أفراد العائلة كل أمام جهازه الذكي يحوم في فضاءات لا حدود لها مع كائنات وهمية، وحاولت مراراً جمعهم بأذهان حاضرة دون جدوى.
بعد أن ارهقتي تدريس الصغيرة التي حضرت من المدرسة وكأنها لم تتلق المواد التي أعدت تدريسها لها على خلاف المدارس الأجنبية التي ينهي الطالب واجباته كلها في المدرسة وبرفقة المعلمين خلدت لفراشي لأستعد ليومي التالي.
mysoonabubaker@yahoo.com