أطلت الشمس برأسها... وبدأت تنثر أشعتها الذهبية على وجه الأرض معلنة بذلك بداية يوم جديد وأمل جديد في أن يكون اليوم أفضل من الأمس. لا أحد يعلم كيف سيكون حاله عندما تغيب شمس هذا اليوم.. الكل يرجو ويتمنى..
خرج ذلك الصياد من منزله.. انحنى ظهره من عناء السنين.. تقرأ في ملامح وجهه الشقاء والعناء. إنها أول مرة يخرج فيها من منزله في مثل هذا الوقت. منذ عشرات السنين اعتاد هذا الصياد أن يخرج من منزله في الليل ليدخل البحر على قاربه المتهالك ليصيد سمكتين أو ثلاثا ثم يخرج مع بزوغ الفجر ليبيع ما اصطاده (بدينارين أو ثلاثة) ثم يعود إلى منزله.
لكنه في هذا اليوم قرر أن يترك صيد الأسماك ويغوص في أعماق البحر بحثاً عن المحار أملاً في أن يبتسم له الحظ ولو مرة واحدة ويعثر على لؤلؤة تنسيه هم السنين الماضية. باع عدة الصيد واشترى عدة الغوص. وصل إلى الشاطئ... نظر إلى البحر نظرة تحمل الكثير والكثير من الخوف والرجاء والأمل.. ولكن مشاعر الأمل تغلبت خيراً على الخوف..
ركب القارب وبدأ يجدف ويجدف حتى وصل المكان المقصود.. ارتدى ملابس الغوص.. ودون تردد رمى بنفسه في البحر. كانت آلاف الأماني تدور في رأسه.. وصل إلى قاع البحر.. فرأى تلك المحارة.. كأنها كانت تنتظره.. التقطها بسرعة.. فتحها فكانت المفاجأة”. يالله..كم انا محظوظ.
أخيراً ابتسمت لي الحياة.. وجدت لؤلؤة..”. خرج من البحر.. بدأ رحلة العودة الى الشاطئ.. كان يغني منتشياً.. يكاد ان يطير فرحاً..” سأبيعها بـ100 الف دينار وسأشتري بثمنها محل مجوهرات.. لا لا محل ملابس.. لا لا محل فواكه وخضراوات.. لا أدري ماذا سأشتري بها.. المهم أنني سأستثمرها... والأهم من ذلك.
من ذلك أنني سأكون سعيداً في حياتي.. وسأنسى صيد السمك وعناءه.
وصل أخيراً إلى الشاطئ وتوجه إلى السوق ليبيع لؤلؤته.. كان الفرح بادياً على وجهه وغابت ملامح الشقاء عنه.. الكل لاحظ عليه إشراقة محياه.. وصل إلى محل المجوهرات.
“لقد وجدت لؤلؤة وأريد أن أبيعها..
هل ستشتريها؟”-
“نعم سأشتريها.. دعني القي عليها نظرة”-
“تفضل”-
“هههههههه...”-
“لماذا تضحك؟؟”-
“يا لجهلك.. هذه ليست لؤلؤة... إنه حجر أبيض”-