لا شك أن العقل يجنح غالباً للتوقعات عند غياب المعلومات.. في محاولة لتكوين صورة للحدث قد يعلنها على أنها حقيقة وليس مجرد رأي يقبل الرد أو القبول.. ومن ثم يبدأ مسلسل النقل بالزيادة والنقصان والتأليف والحذف والإضافة.. وإن كانت له حاجة سوف يلوي جذع الحقيقة ويسحقه في سبيل خدمة أهدافه وتوجهاته.. وعند حسن الظن في أبسط صوره تلعب السذاجة وحب الظهور بمظهر العارف ببواطن الأمور وما يجري خلف الكواليس.
في كل مرة تلقي الصحف والمواقع الالكترونية بخبر أو حادث أو جريمة.. تتسابق الأقلام.. والحروف.. بالتحليل والجزم والاتهام.. رغم عدم وضوح الخبر.. وقلة المعلومات المتاحة.. تثار شخصية المحقق في داخلهم.. دون أدنى اعتبار لأطراف القضية التي لم يُبت فيها!
وفي مبادرة للمحقق الفقيه “كونان”.. العارف ببواطن الأمور.. الذي يوظف كل خبر مروع لصالح قضيته.. بعد أن قدم تحليله الخرافي..والمكذب حتى لبيان الناطق الرسمي للجهات المعنية قبل صدوره..وبعد أن شرح نبوءاته حول ما سيحدث وما سيقال.. قدم نقدا للإعلام في تساؤل طفولي.. كيف ولماذا الصمت؟
ولأن أبعاد الأسئلة تشي بالكثير.. فإن سؤاله يقول باختصار.. هيا إلى ثورة نحو المجهول.. ولا يدري أن التزام الصمت والتروي من الحكمة والتعقل.. إذ كيف يمكن طرح قضية موضع النقاش ولم يحدد فيها من المتهم الحقيقي؟ ولا تزال في أروقة الجهات الأمنية لم يبت فيها؟ وتحوم حولها الشائعات لتنال من الأعراض.. وتستبيح جراح الآخرين وأوجاعهم.
ولماذا علينا أن نصدق مصادرك غير المعلومه إلا لجنابك؟
ففي أبسط المواقف عند حدوث سوء تفاهم بين شخصين.. سوف تسمع من المتجمهرين كثيراً من القصص والتأويل.. وغياب الصدق.. فكيف بجرائم تأن لها الأرض والسماء.. فُعلت بسرية.. وفاحت منها رائحة فسرها الآخرين كلٌ على حسب هوى “أنفه”!
وحتى على مستوى الفرد الواحد.. فإن استعجال التفسير دون التأكد وجمع المعلومات من كل الأطراف.. تهمة ملفقة وتجني يستحق الاعتذار.
الرأي العام له كيانه وقوة جبارة لتصحيح المسارات التي المنحرفة عن مصلحة الوطن والمواطن.. لكنها هشة وساذجة إن اتكأت على القيل والقال كما في مجالس “الحش وتقطيع الجلود”.. ونسيان الملفات العالقة بين الفقر والبطالة والفساد و و وإلخ.
amal.f33@hotmail.com