* قبل عشر سنوات، -وتحديداً - في 12 مايو 2003م، دشن تنظيم القاعدة في السعودية سلسلة تفجيرات انتحارية لمجمعات سكنية في الحمراء، وغرناطة؛ لتبدأ حرب معقدة بين الأجهزة الأمنية في الدولة، وبين تنظيم القاعدة في المنطقة. مع أن استهداف المدينين لا يمكن تبريره -بأي شكل من الأشكال-، ولا يمكن أن تحقق غاية سياسية من
وراء مثل هذه الأعمال الإجرامية. فاليأس، هو أول مصانع التطرف، وهي تعكس طبيعة منفذي تلك الحوادث، حيث أصبحوا أدواتا؛ لتحقيق أغراض أعداء الدين بتلطيخ سمعتها بالعنف، والقتل، وثقافة الإرهاب.
* إن ظاهرة الإرهاب، أصبحت ظاهرة عالمية، بحكم تزايدها، وتناميها بشكل ملفت خلال العقد الأخير.. -ولذا- فإن أسلوب المواجهة في التصدي لهذه الظاهرة الخطيرة، والتي أصبحت تهدد أمن الشعوب، والمجتمعات، يعتبر مطلباً مهماً -ولاشك-، باعتبار أن الإرهاب، والتطرف طرفا معادلة، ونتاج لتضافر جملة من الظروف المتداخلة، منها: ما هو اجتماعي، واقتصادي، وإعلامي، وسياسي، ومنها: ما هو تربوي، وثقافي، وفكري، كل ذلك؛ من أجل نشر الأفكار الهدامة، والقيام بعمليات التخريب، وتحقيق أهدافهم غير المشروعة.
* هذه الفوضى التي يسير عليها تنظيم القاعدة، تندرج ضمن مخطط تأجيج علاقة الصراع بين الشرق، والغرب، فرأينا -مع الأسف- هذا الانتشار الواسع لجرائم القتل، والفوضى، حين استعارت لغة العداء للإنسان، وتقاذفت فتاوى صبيانية لعقول بليدة، أوقعتنا في مصائب، لعل من أعظمها: إلحاق الضرر الكبير بالإسلام كدين، وبمصالح الأمة الإسلامية، ووضعت كل مسلم، ومسلمة في دائرة الاشتباه، والتربص.
* وللتأكيد على هذا، فإن الصراع بين قوى الخير، وقوى الشر لا مكان فيه للمحايدين، ولا مجال للمترددين في إدانته. فهي حرب شاملة ضد قوى التخلف، والظلام، ولكل من باع ضميره؛ من أجل تنفيذ مخططاته الدنيئة، واعتدائه على الاستقرار، والأمن، والنظام العام، وإلحاق الأذى، والضرر بالوطن، والمواطن.
* كل هذه الدلائل الموجزة، والتي هي غيض من فيض، إنما تؤكد على: أن الدعوة إلى مواجهة تيارات التطرف، والتطرف المضاد، ومحاربة الأفكار الدخيلة، أصبحت من الدعوات المهمة، والضرورات الإنسانية؛ للمحافظة على المكتسبات الأمنية، واستقرار المجتمعات. وهو جزء من العمل على تحسين صورة الإسلام، والتعرف على حقيقته، وتجنب التشويه المتعمد لصورته. وهذا يستوجب عدم اختزال مكافحة الإرهاب في الحلول الأمنية -فقط-، بل لابد من معالجة النواة الأيدلوجية لهذه الظاهرة، ولا يكون ذلك إلا بلغة “الحوار”؛ لاقتلاع الجذور الفكرية المنحرفة، التي تؤسس للتطرف، والإرهاب. فمدافعة الفكر لا يكون إلا بالفكر، وتحصين الذات من وقوعها أسيرة لأفكار التطرف، على منهج الاعتدال والوسطية.
drsasq@gmail.comباحث في السياسة الشرعية