هناك اهتمام - على الأقل نظري - بموضوع تسهيل وصول وتنقل أصحاب الإعاقات بمختلف أنواعها ومن في حكمهم من المرضى أو كبار السن أو ذوي الظروف الصحية والجسمانية ذات العلاقة بسهولة الحركة والتنقل. وقد أولت جمعية الاطفال المعوقين هذا الأمر اهتمامها منذ سنوات عديدة، كما قام المركز البحثي المنبثق عنها، مركز الأمير سلمان لأبحاث الإعاقة بمشروع بحثي في هذا الشأن انتهى بإصدار مواصفات المنشآت والطرق في ما له علاقة بسهولة الوصول الشامل. لكن ما حدث بعد ذلك هو الجمود وعدم القدرة على تنفيذ تلك المواصفات وإجبار الجهات المختلفة بتطبيقها، ودخل موضوع فرضها في نفق بيروقراطي يتمثل في محاولة اعتبارها جزءاً من كود البناء السعودي، وهو الكود الذي لم يفعل، رغم أنه الوقت المناسب لتفعيله في ظل الطفرة الإنشائية التي تمر بها البلاد.
سأطرح هنا فكرة تتلخص في إيجاد طريقة حديثة ومبتكرة لتحفيز و إجبار الجميع على الالتزام بمعايير الوصول الشامل، المشار إليها أعلاه. وألخصها في النقاط التالية:
- اقترح إيجاد جهة جديدة نسميها مركز اعتماد المنشآت صديقة اصحاب الإعاقات أو مركز سهولة الوصول الشامل، قد تكون تابعة لجمعية الأطفال المعوقين أو موازية لها ولمركز الأمير سلمان لابحاث الإعاقة، من ناحية كونها جمعية مجتمع مدني غير ربحية. هذه الجهة تملك المواصفات ذات العلاقة بسهولة الوصول وتتولى تطويرها إلى شكل نقاط يمكن قياسها وتدوينها. تتولى هذه الجهة فحص المنشآت في مجال التزامها بمعايير سهولة الوصول والانتقال لذوي الاعاقات ومن في حكمهم، ومن ثم منح درجة تبين مدى الالتزام بتلك المعايير.
- المنشآت التي تحقق درجة معينة، لتكن 80% مثلاً تمنح شهادة تبين بأنها صديقة لأصحاب الإعاقة. تلك الشهادة يحق لها إبرازها في (البروفايل) الخاص بها وفي دعاياتها وإعلاناتها المتنوعة. وقد يكون احتفالاً سنوياً لتكريم افضل المؤسسات حكومية كانت أم أهلية، التزاماً بمعايير سهولة الوصول الشامل. يمكن أن يكون ضمن احتفالات جمعية الأطفال المعوقين السنوية، أو تكريم مستقل لاصدقاء الإعاقة بما في ذلك نشر إعلانات تبرز أفضل المؤسسات صديقة اصحاب الإعاقات.
على سبيل المثال افضل فندق/ جامعة/ سوق تجاري/ بلدية/ شركة نقل/ مدينة/ ملعب/ مستشفى صديق لأصحاب الإعاقات وهكذا.
- يتولى مركز سهولة الوصول الشامل، المقترح إنشاؤه، نشر المعايير وتثقيف المجتمع بها ومساعدة الجهات التي لا تتحقق لديها المعايير باستكمالها. كما يتولى تحفيز جهات استشارية أهلية في موضوع تحقيق سهولة الوصول الشامل مكاتب هندسية متخصصة على سبيل المثال. كما يتولى المركز تحفيز القائمين على المشاريع الجديدة، من مستشفيات وجامعات ومؤسسات حكومية وتجارية بغرس مفهوم سهولة الوصول الشامل ضمن مخططاتهم الأولية، لتنتشر ثقافة إيجاد أبنية صديقة لأصحاب الإعاقات.
- في مرحلة لاحقة يمكن التحول من مجرد التحفيز إلى دور التشريع والرقابة، بحيث يصبح إجبارياً على كل مؤسسة تحقيق حد أدنى من المعايير المتعلقة بهذا الامر، وربط ذلك بالإجراءات الأخرى، كإجراءات تجديد الترخيص أو الحصول على الرخصة او اجراءات الدفاع المدني، إلخ. اي أن تصبح شهادة مركز الوصول متطلباً للإجراءات الإدارية الأخرى.
إذاً؛ ملخص الفكرة التي أطرحها هنا من خارج الصندوق البيروقراطي تتمثل في إيجاد شهادة اشبه بشهادة الجودة او الاعتماد التي تعلقها الشركات وتتباهى بحصولها عليها. شهادة تجعل الغالبية يتنافسون في الحصول عليها كإثبات تميزهم وتحملهم مسؤوليتهم الاجتماعية في مجال خدمة اصحاب الإعاقات.
أتمنى أن تحظى الفكرة بالنقاش والاهتمام من قبل المهتمين، وعلى رأسهم سمو الأمير سلطان بن سلمان الرجل الأبرز في العناية بقضايا الإعاقة في المملكة.
malkhazim@hotmail.comلمتابعة الكاتب على تويتر @alkhazimm