قبل ثلاثة أعوام كتبتُ رأيي الشخصي هنا في هذه الصفحة (عزيزتي الجزيرة) عن جهاز الدفاع المدني السعودي ومديره العام، وختمت المقال بالنص الآتي: (لقد حان الوقت لكي تبادر المديرية العامة للدفاع المدني، ويُستفاد من ذلك عند تبادل الخبرات الأكاديمية والميدانية مع الدول العربية والصديقة، بما يُضاعف من قدرات الدفاع المدني في الدول الأخرى... إلخ).
وقبل أيام قليلة ماضية، أعلنت وسائل الإعلام السعودية والأردنية الاتفاقية التنفيذية التي وقعها كل من معالي المدير العام للدفاع المدني الفريق سعد بن عبدالله التويجري ونظيره الأردني الفريق ركن طلال عبدالله الكوفحي، في صباح يوم السبت 25 جمادى الأولى 1434هـ الموافق 6 إبريل 2013م، للتعاون بين كل من جهاز الدفاع المدني السعودي والدفاع المدني الأردني في مجال الحماية المدنية ومواجهة الكوارث والحوادث الكبرى، بحضور قيادات الدفاع المدني في المملكة وأعضاء وفد الدفاع المدني الأردني. وبهذه المناسبة فإن لدي خاطرة مواطن سعودي وبعض الاقتراحات التي أتمنى أن تؤخذ بعين الاعتبار، وأعتقد أن الكثير من الشعب السعودي يشاركني فيها أيضاً. وقبل هذا لا بد لي من توجيه التحية والتقدير والامتنان لرجال الدفاع المدني على ما يبذلونه من جهود مخلصة ومتميزة في توفير السلامة العامة وحماية الأرواح والممتلكات والثروات الوطنية، وما يتحملونه من مسؤوليات جسام في مواجهة الأخطار؛ إذ يعملون في ظروف صعبة، تتطلب الشجاعة والإقدام والقدرة على التعامل بأقصى درجات الكفاءة والجاهزية لإنقاذ الأرواح وتقليل الخسائر من خلال سرعة الاستجابة والسيطرة على الموقف واتخاذ التدابير المناسبة؛ إذ يعد عمل الدفاع المدني من الأعمال الإنسانية في حد ذاته؛ لما يبذله رجال الدفاع المدني من تضحية وفداء لحماية الأرواح معرضين أنفسهم وحياتهم للمخاطر في سبيل إنقاذ أرواح المواطنين، وحماية المباني والمنشآت والمؤسسات والمشروعات العامة والخاصة.
وليس هناك شكوى من قلة الميزانية مع كثرة الجديد من المشروعات، والدولة تنثر الخير نثراً - ولله الفضل والمنة. وتحقيقاً لمبدأ هذه الشراكة فلا بد من العمل على تشجيع تشكيل الفرق التطوعية وتدريبها على عمليات الإنقاذ؛ لتكون رديفاً لفرق الدفاع المدني السعودي/ الأردني، وبخاصة في الكوارث التي تتطلب سرعة التدخل. كما أن تأهيل مؤسسات المجتمع المدني من شأنه زيادة مستوى الوعي وكيفية التصرف عند وقوع الكوارث والتعامل معها، وبخاصة الاستعداد لاحتمال وقوعها، والمبادرة بالتصرف المناسب لتقليل الخسائر، إضافة إلى زيادة كفاءة عمليات الإنقاذ وتنظيمها بدلاً من العمل غير المنظم، الذي لا يحقق النتائج المرجوة.
إن نجاح أجهزة الدفاع المدني يتطلب التعاون والتنسيق مع المؤسسات والأفراد، وهذا ما تحقق في معظم مناطق المملكة العربية السعودية نتيجة ارتفاع وعي المواطنين وتقدير الجهات كافة لدور الدفاع المدني والحرص على إسناده، إضافة إلى جهود التحديث والتطوير في بنية الجهاز (منذ تولاه معالي الفريق سعد التويجري)، واستخدام التقنيات الحديثة والمعدات اللازمة للتعامل مع حالات الحريق والإنقاذ في ضوء ما تشهده المملكة من توسع عمراني ووجود العديد من المنشآت والمرافق الصناعية. كما أن التعاون الدائم من المواطنين والمقيمين مع أجهزة الدفاع المدني وتنفيذ تعليمات السلامة العامة والاستفادة من برامج التثقيف يدعم التوجه لتثقيف المواطن للوقاية من الكوارث، وهو أمر يستحق الإشادة والتقدير بجهود كل منتسبي الدفاع المدني، وتمنياتي لهم بالتوفيق والسداد في خدمة الوطن وسلامة مواطنيه وتحقيق المزيد من النجاح بإذن الله.
ومن هنا أضع بين أنظاركم.. ثلاثة مقترحات، أوجزها في الآتي:
نأمل بأن لا تنصب جهود الإدارة العامة للدفاع المدني فقط في عمليات إطفاء الحريق وإنقاذ الأشخاص، بل يجب أن تولي اهتماماً كبيراً بتوعية المواطنين وتعريفهم بواجبات الدفاع المدني والأعمال الوقائية المطلوبة منهم، وتدريبهم على أعمال الدفاع المدني، ومراقبة تنفيذ وسائل الحماية في المنشآت الصناعية والتجارية والمرافق العامة والإشراف على خطط الطوارئ الخاصة بها، والتعاون مع الجهات المختصة للكشف عن أي تسرب كيماوي أو إشعاعي وعلاج آثاره، إضافة إلى تحديد التدابير الوقائية ووسائل الحماية الذاتية لغايات منح رخص تصنيع وتخزين ونقل المواد الكيماوية الخطرة، وإعداد إحصائيات الحوادث المختلفة والدراسات المتعلقة بشأنها من حيث إعدادها وأسبابها وأنواعها وأماكن وقوعها وغيرها؛ وذلك لاستخلاص النتائج للاستفادة منها، ومتابعة جاهزية نقاط التزويد بالمياه (الهيدرنت) في مناطق المملكة كافة، بالتنسيق مع الجهات المعنية.
في ظل التطور التكنولوجي والتقني وظفت الإدارة العامة هذه التقنيات في توعية الجمهور في مختلف الحوادث، وذلك من خلال التفاعل مع وسائل الإعلام المختلفة التي هي إحدى السمات التي تميز أي إدارة، وتجعلها في مصاف الإدارات التي تتحلى بروح نابضة فهي من جانب تصنع الخبر، ومن جانب آخر تتابع وترصد كل ما يُنشر عبر وسائل الإعلام المختلفة، وتعد الردود والتوضيحات والتعقيبات الصحفية والإعلامية.
في ظل التطور اللافت لوسائل الاتصال الاجتماعي وتنامي استعمالها واهتمام الجمهور بمتابعة آخر الأخبار وأهم التقنيات والحوادث قامت الإدارة العامة للدفاع المدني بالتعاون مع إدارة الإعلام الأمني بوزارة الداخلية ببث التغريدات (التويترات)، التي تكفل تغطية فورية للحوادث المهمة.
مشعل بن سحمي القحطاني - شركة أرامكو السعودية - الظهران