ألحان الوفاء والتقدير, هذه هي الألحان التي نتميز بها نحن شعب المملكة عزفا وإبداعا, في مملكة بناها فارس من قلب الجزيرة العربية بتوفيق الله, يقودها أبو متعب حفظه الله وحماه خادم الحرمين الشريفين, وولي عهده سلمان الخير أطال الله في عمره, في هذا البلد المتكاتف المؤسس على شريعة الله سبحانه وتعالى, المستمد خلقه من خلق سلفنا الصالح, المتتبع لسيرة خير البشرية المصطفى صلوات ربي عليه وسلامه, في بلد باركها الله وكان فيها بيته بتدبيره وحفظه, في بلد يحمل كل هذه الصفات من الطبيعي جدا دون مبالغة أن يقال بأقل درجات الوصف إن أهله وشعبه هم خير من يعزفون لحن الوفاء والمحبة والسلام والتقدير.
الأسبوع الماضي كان لي وقفة من فخر واعتزاز مع الزملاء الأعزاء في غرفة تجارة وصناعة الرياض, حين قامت إدارة الغرفة بتكريم جهود القيادة والإدارات السابقة, تثمينا لخدماتهم وتقديرا لمواقفهم, عرفانا ومحبة وإكراما, في الاحتفالية التي أقيمت في الرياض والتي كان لي شرف حضورها والشهادة عليها, حيث قامة الإدارة الجديدة للمجلس الخامس عشر بتكريم سعادة الشيخ عبد الرحمن الجريسي الذي قاد إدارة هذه الغرفة لفترة طويلة من الزمن, وتم تكريم العديد ممن رافقوا الجريسي في سنين العمل والمثابرة, الإدارة الجديدة الحالية برئاسة الدكتور عبد الرحمن الزامل الذي منذ لحظة الدخول إلى قاعة الاحتفال والبشاشة والبهجة لا تفارق محياه, مرحبا مهللا مشاركا, الجميع هناك كانوا متفقين على أن التقدير حق مكتسب وواجب يجب الالتزام به, ما لفت نظري أن بعضا من المكرمين أيضا هم ممن ما زالوا على رأس عملهم في تطوعية العمل في الغرفة التجارية, لفتة كريمة أن تكرم امرئ حين ينتهي عمله, لكنها أكثر جمالا حين تكرمه وهو على رأس عمله.
في التقرير المصور الذي عرض عن مسيرة الجريسي كانت العيون متجهة بكل اهتمام إلى الفيلم, مراحل عديدة وفترات متنوعة كانت للجريسي منذ بدء حياته العملية مرورا بفترة توليه إدارة الغرفة التجارية, كل واحد من الموجودين كانت هزهزة الفخر ورعشة الافتخار بهذه القامة السعودية تعبق الأجواء وتنتقل بين الأبدان والأرواح, حين صعد المنصة سفير جمهورية الصين الشعبية وتحدث بلغة عربية مفهومة عن السعودية وعن دور الجريسي في ترسيخ العلاقات بين البلدين, والجهود التي بذلت لزيادة حجم التعاملات بين البلدين من 300 مليون دولار إلى ما يقارب 70 مليار دولار, وحين سمعت أن جمهورية الصين الشعبية قامت بتعيين عبد الرحمن الجريسي سفيرا شعبيا تجاريا لها, تيقنت حينها من أن الاقتصاد السعودي بمكوناته كلها قادر على أن يكون ويصل إلى ما نتأمله ونتمناه, اقتصادا عالميا قويا مؤثرا يحفظ للمملكة ازدهارها وأمنها.
نعم وبكل ثقة, السعودية لديها كل المقومات والإمكانيات التي تجعلها تخلق وتقدم للعالم أنموذجا حديثا قويا من الإدارة الاقتصادية, ولا أعني هنا الاقتصاد المبني على عائدات النفط على أهميتها ودورها الفعال, بل أعني الاقتصاد المتنوع المتكامل تجاريا صناعيا ماليا بشريا وغير ذلك الكثير, لدينا الإمكانيات المادية والقدرات البشرية والبنية التحتية, نعم لسنا على درجة الكمال كما أي شيء في هذا الكون, ولكن عدم الكمال لا يعني التوقف, بل عدم الكمال يعني مزيدا من العمل والتطوير, نحتاج إلى مزيد من الأنظمة الشارعة المنظمة والمساعدة في تحقيق نظرية اقتصاد السعودية اقتصاد العالم, العمل هنا والخطوات ليست حكرا مطلوبة من الحكومة ومؤسساتها, بل هي أيضا وبنفس القوة إن لم تزد مطلوبة وملزمة للقطاع الخاص, لأن القطاع الخاص هو المستفيد الأول من هذه الخطوات الجبارة في إنعاش وتطوير الاقتصاد في النظام في العالم.
أعود إلى احتفالية الغرفة التجارية مركزا على التنوع الجميل الذي رأيته هناك, رأيت الجد والأب والابن والحفيد, أجيال تسلم أجيالا وتسلحها وتجهزها إلى قادم الأيام والتطورات, قامات سعودية كبيرة وتاريخية سلمت عليها وتبادلت معها الحديث, هذا يعرفني على ابنه وهذا على حفيده وهذا على أخيه, رجالات اقتصاد قوي وعالمي لكنهم يعيشون البساطة بكل معناها, إضافة جديدة وماركة متميزة حصريا للشعب السعودي, إن الكل يحترم الكل, الكل ينظر للكل على أنهم إخوة أحبة شركاء في الدين والوطن والمصير, صورة سيدي خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين حفظهما الله وحماهما وهي تزين قاعة الاحتفال كانت أيضا لحنا جميلا رائعا من لحن الوفاء وتجديد الولاء والانتماء دائما وأبدا حتى يرث الله الأرض وما عليها.
يجب العمل على مزج الخبرات مع الحماس, الماضي مع الجديد, وجود معالي وزير التجارة والصناعة الدكتور توفيق الربيعة ليرعى هذه الاحتفالية كان له أيضا مؤشرا مهما, دليل آخر قدمه عالم المال والأعمال السعودي على أن الجميع يشعر بأهمية الدور الاقتصادي الذي يجب يكون للمملكة مواكبا ومسايرا الأدوار الأخرى السياسية والاجتماعية, معالي الوزير كان بحضوره مكرما لكل من حضر الاحتفالية حتى الذين لم يكونوا على قائمة التكريم من الأجيال الجديدة العاملة كرمت بكلمات وإشارات الدعم والمؤازرة.
عبر هذه الكلمات أرسل عميق شكري وتقديري وامتناني لهؤلاء الرجال الذي ساهموا في إنجاح تلك الاحتفالية, وأرسل عبارات الشكر والتقدير للشيخ أبوعلي عبد الرحمن الجريسي الذي كان لي شرف العمل معه ومصاحبته, وإن كنت أنظر إلى المستقبل بكل تفاؤل فإني أنظر أيضا إلى قامة سعودية هامة الدكتور الزامل الرئيس الجديد لإدارة الغرفة, مزيدا من الإنجازات والنجاحات والإبهار ننتظر منك يا دكتور, لا مجاملة ولا محاباة, فهذا المكان الذي كلفت به واختاروك لقيادته أمانة أنا على ثقة أنك أهلا لها, فأنت من ذوي العزم والهمة, ستمر الأيام وتطوى السنين وترحل أسماء وتأتي أسماء لكن الذاكرة البشرية لا تخلد إلا من عمل لوطنه متفانيا متطوعا مثابرا, الأعمال تخلد الأسماء والتاريخ لا يذكر إلا المخلدين, سواء سلبا أم إيجابا ذما أم مدحا, وضوحا أو ترك التقييم لأجيال المستقبل.
- محكم دولي وأخصائي تسهيل مرور للمعاقين