في يوم ربيعي جميل احتفلت العاصمة التركية أنقرة بضيفها الكبير صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيزآل سعود ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، وقد بدأت مظاهر الترحيب والحب الشخصية لضيفها الكبير الذي انتظره الشعب التركي لفترة طويلة حققها سمو الأمير في أول زيارة وهو يتولى مهامه الرسمية ولياً للعهد السعودي.. وحين هبوط الطائرة في مطار أنقرة (أسين بوغا) فرشت السجادة الحمراء ووقف حولها حرس الشرف لتحية ضيف تركيا وبعد أداء المراسم التي وصفها أحد الصحفيين من جريدة (ملي كزته) أيدن حسن أوغلو أنه لاحتفال مهيب امتزج بالرسمية والشعبية، ولا أستطيع أن أصف وجود الأمير سلمان بيننا كضيف بل أستقبل كأحد أقاربنا بعد شوق طويل، وظهركرم البروتوكول الرئاسي ولأول مرة تخصص موكب رسمي طويل مؤلف من مائة سيارة مرسيدس حديثة اخترقت مدينة أنقرة بموكب مهيب، وأضاف الصحفي التركي أيدن حسن أوغلو قائلاً: لفت نظري العلم السعودي الأخضر وعليه لفظ الشهادة وبجانبه اسم الطائرة الملكية (الله يحفظك) إنه الإيمان العميق لدولة عربية إسلامية يحترمها الجميع.
الدعوة الرسمية لسمو ولي العهد - حفظه الله جاءت من رئيس الجمهورية التركية (عبدالله كول) وبدأ الاجتماع الأول الترحيبي بالقصر الجمهوري بمنطقة (جانكاي) المرتفعة والتي حضرها الوفد الرسمي المرافق لسمو الأمير سلمان وبين الرئيس كول في كلمته الترحيبية عمق العلاقات الأخوية التي تربط تركيا بالمملكة العربية السعودية والاستعداد الكامل والصادق من الجانب التركي لأن تكون متميزة ترقى إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية في كافة المجالات السياسية والاقتصادية والدفاعية المشتركة.
وبين سمو ولي العهد عمق العلاقات الثنائية بين الدولتين الشقيقتين تركيا والمملكة العربية السعودية ووصفها سموه بأنها علاقات نموذجية لكونها قائمة على أسس وقواعد متينة وتمثلان الامة الإسلامية في منطقة هامة للغاية، وأكد سموه بأنه يأمل نتائج هامة وبكل المقاييس لهذه الزيارة، وأن التاريخ يشهد لمشتركات عديدة بين الدولتين، وأن وجوده في تركيا في هذا الوقت بالذات طبيعي لما يربط البلدين من علاقات وثيقة وتفاهم مشترك.
واتسم اللقاء الرسمي الثاني بأهمية سياسية واقتصادية عالية حيث استقبل رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان سمو ولي العهد خارج مبنى رئاسة الوزراء مصافحاً سموه وقائلاً: باللغة العربية (السلام عليكم ورحمة الله وأهلاً وسهلاً سمو الأمير) وعرضت قضايا مهمة في جدول اجتماعهما الرسمي منها التطورات الراهنة في قضية ثورة الشعب السوري والبحث لحل مشترك يعتمد على حالة ما بعد الأسد، وكان الجانبان في تطابق تام لإيجاد الحلول المناسبة لهذه القضية الإنسانية الهامة والعمل الجاد المشترك لوقف نزيف الشعب السوري الثائر على سلطة الأسد الظالمة، وأخذت قضية فلسطين حجماً واسعاً في هذه المباحثات الهامة، وأيد الجانبان التركي والسعودي ضرورة تحريك مسيرة السلام الفلسطيني بما يحقق الحل السلمي العادل لهذه القضية المصيرية الهامة للعالم العربي والإسلامي، وناقش الجانبان القضايا ذات الاهتمام المشترك في المنطقة بما يعود بالخير على الجميع، مبيناً سموه التطابق التام بشأن مختلف الموضوعات التي تهم البلدين والتي تتفق مع رؤى خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز - حفظه الله - وجاء في برقية سمو ولي العهد للرئيس أردوغان قائلاً: (أود أن أعرب لدولتكم عن الشكر والتقدير على ما لقيناه والوفد المرافق من كرم الضيافة وحفاوة الاستقبال، ويسرنا أن نشيد بالنتائج الإيجابية التي توصلنا إليها خلال مباحثاتنا مع دولتكم والمسؤولين في حكومتكم والتي سيكون لها كبير الأثر في توثيق التعاون الثنائي بين بلدينا على كافة المجالات، كما ننوه بتطابق وجهات النظر بين بلدينا حيال القضايا ذات الاهتمام المشترك).
وكان الحدث الهام الذي سلطت الصحف ووسائل الإعلام المرئية التركية عليه حفل توقيع اتفاقية للتعاون الصناعي والدفاع بين تركيا والمملكة العربية السعودية والتي دام التحضير لها لأكثر من أربعة أعوام لبلوغها الشكل النهائي، وقد وقع عليهامن الجانب التركي وزير الخارجية البروفيسور أحمد داوود أوغلو، ومن الجانب السعودي سمو وزير الخارجية الأمير سعود الفيصل بحضور سمو ولي العهد والرئيس عبد الله كول. وقد وصف هذه الاتفاقية الاستراتيجية المعلق السياسي في (جريدة ستار) واسعة الانتشار فهمي كورو قائلاً: تركيا والمملكة العربية السعودية لهما علاقات عميقة تاريخياً وتميزت بتطورها المستمرحتى بلغت حالة من التفاهم التام والمشترك حيال كافة القضايا التي تخص العالم الإسلامي والقضايا الإقليمية والدولية، وهذه اتفاقية فيها الخير والقوة لكلا البلدين ومعهما الأمة الإسلامية، وأن تركيا جادة في تعاونها الصادق مع شقيقتها المملكة العربية السعودية وأن هذا التفاهم المشترك أسعد الشعب التركي ومعه شقيقه الشعب السعودي).
ووصف نائب رئيس الوزراء التركي بكز بوزدانح أن هذه الاتفاقية مهمة جداً وليس للمملكة العربية السعودية وتركيا إلا أن تكونا قويتين اقتصادياً وأيضاً يجب أن تكونا قويتين عسكرياً من أجل أمنهما وأمن المنطقة بأكملها).
ووصفت الصحفية التركية الآنسة جيدي كارا أصلان الزيارة في مقال لها في جريدة الصباح اليومية (نحن الأتراك نحس بالتقدير العالي للمملكة العربية السعودية لوضعها الديني أولاً وأن ملكها خادم الحرمين الشريفين وأنها أيضاً الجناح المعتدل في العالم الإسلامي وعلاقة تركيا متطورة مع المملكة وقيادتها التي ترتبط بأفضل العلاقات مع تركيا منذ تأسيسها، وتهتم القيادة السعودية بالقضايا الإقليمية والتي تتطابق أفكارها مع تركيا دائماً وتسعى الزيارة الحالية أن توجه العالم نحو مساعدة الشعب السوري الثائر وتنظيم حياته المستقبلية ما بعد الأسد وبالتعاون مع المجتمع الدولي حسب مقررات مؤتمر جنيف والمعتمد على الاتفاق الأخير بين روسيا وأمريكا. وتشكل هذه الزيارة لولي العهد السعودي مرحلة جديدة في مجال التعاون الصناعي والعسكري بين البلدين الصديقين.
وفي تصريح خاص لكبير مستشاري رئيس الجمهورية الأمين العام للهيئة التأسيسية للحوار العربي التركي أرشاد هورموزلو خص به جريدة (يني شفق التركية) قائلاً: (إنها لزيارة تاريخية وناجحة بكل المقاييس فجاء توقيتها ووقعها على مستوى العلاقات الطيبة بين البلدين ودفعها نحو الأمام لصالح الشعبين العربي والتركي وتخللتها مباحثات صريحة لتنمية العلاقات المميزة بين البلدين الشقيقين، وتوسعت في مجالها العسكري والأمني بتأثير نتائج هذه الزيارة المثمرة لولي العهد السعودي إلى أنقرة وهي الأولى بعد توليه منصب ولاية العهد وشعرت القيادة التركية بامتنان كبير لنتائجها).
أنها لزيارة الخير والقوة لشخصية عربية كبيرة لتركيا التي أعلنت فرحتها وامتنانها على لسان قيادتها بالنتائج الإيجابية لها وتأثيرها المباشر إقليمياً ودولياً، ففيها التضامن والتعاون والقوة للبلدين الشقيقين المملكة العربية السعودية وتركيا، وتأتي تنفيذاً لكل السياسات والاتفاقات التي رسمتها الزيارة التاريخية لخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز حفظه الله عام 2007م والتي جاءت لتشكل مرحلة جديدة متطورة من العلاقات المتينة بالتوازن بين الموروث التاريخي للشعبين السعودي والتركي والاتفاق المشترك المبني على الثقة والمنافع المشتركة لتحقيق الرفاه والقوة للأمة العربية والإسلامية والسلام لمنطقة خليجنا العربي واستقراره ومنعته أمام كل الأطماع الإقليمية.
عضو هيئة الصحفيين السعوديين وعضو جمعية الاقتصاد السعودي