Al-jazirah daily newspaper

ارسل ملاحظاتك حول موقعنا Wednesday 29/05/2013 Issue 14853  14853 الاربعاء 19 رجب 1434 العدد

الأخيرة

متابعة

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

محليــات

نشعر أحياناً بأننا نسير في طريق معقد من الصعوبات التي لا تنتهي في أكثر من مجال، بل إن اليأس يدب لدى البعض بأن الأمور تسير إلى مزيد من التعقيد على مختلف الصعد. ومهما تبذل من جهود فإنها لا تحدث التغيير المطلوب الذي ننشده. مما يجعلنا نطرح أسئلة؛ كيف وصلنا إلى هنا؟ ماهو جذر المشكلة؟

لا يمكن اختزال الإجابة في مقالة قصيرة، لكنني أكثف أبرز ثلاثة عوامل أراها لب وسبب كثير من مشاكلنا الحالية في التالي:-

أولاً: الانفجار السكاني خلال فترة قصيرة. فخلال عقود قليلة يكاد عدد السكان يتضاعف لدينا وما زال ينبئ بالمزيد. وهنا لم نستطع التخطيط بالشكل المناسب لهذا النمو ولم نستطع توفير الخدمات وتهيئة البنية التحتية المناسبة لهذا النمو. أعلم أن هذا الموضوع قد يكون حساساً ويرفض البعض الخوض فيه، بحجة أن كل مولود يأتي ورزقه معه. القضية ليست مجرد رزق مأكل ومشرب، بل تربية وتنشئة وخدمات وبنى تحتية ومواطن/ مواطنة مفيدة ومنتجة تحظى بالقيم وبما تستحقه من حقوق. لن نطالب بتقليد الصين في الحد من النسل، لكن ربما حان الوقت لحث المجتمع وتشجعيه على الاكتفاء بالأسر صغيرة العدد وشرح فوائد التخطيط الأسري في مجال النسل لأجل مستقبل أفضل. العبرة في الأسرة بقيمها وتماسكها ونوعيتها وليس بكثرة أعدادها، دائماً.

ثانياً: سوء الإدارة التعليمية والتربوية، والتعليم هو أصل كل تطور وتقدم وبتميزه وتطور مخرجاته يمكن أن يحدث التطور في بقية الخدمات والقطاعات. نحن نجني تواضع تعليمنا على مدى عقود مضت. فالقائد الإداري والأستاذ والمهندس والمزارع والصناعي وغيرهم، كلهم نتاج هذا التعليم. وأخلاقياتنا سواء كانت فاسدة أم غير فاسدة هي نتيجة القيم التربوية والأخلاقية التي يزرعها هذا التعليم. نحن نزرع ما حصدنا والمستقبل مخيف أكثر، لأننا لا نتقدم كثيراً في هذا المجال. ربما تقدمنا في حجم ومستوى الشهادات، لكن العلم أكبر من ذلك بكثير، والتربية بكافة أبعادها صنوة للتعليم الرسمي والمجتمعي والأسري. التعليم والتربية يجب أن تقود البقية، لكن ما يحدث لدينا أنها عملية أصبحت تائهة بين التيارات والقطاعات والمؤثرات المجتمعية والبيروقراطية والسياسية.

ثالثاً: التنمية غير المتوازنة، فبكل أسف لم يكن لدينا خطة تنمية واضحة على المستوى الوطني. خطتنا طيلة عقود تمثلت في الاهتمام ببناء عدد محدود من المدن وصحونا تحت ضغط كثافة السكان وتمركز التنمية. وجدنا أن البناء مركز في مدن محدودة والمدينة التي كان سكانها قبل أربعة عقود مليوناً أصبح يسكنها أكثر من ستة ملايين. كأن حلمنا وتخطيطنا كان مركزاً على إيجاد مدن مليونية بأي ثمن كان. مجرد استضافة مؤتمر أصبح يربك العاصمة ومجرد هطول قطرات مطر أصبح يحدث الهلع. لم نستوعب الانفجار السكاني ولم نضع الخطط المناسبة ولم نضع خطط تنموية شاملة لكل أجزاء الوطن. وكما أنني أرانا لا نتقدم كثيراً في المجال التعليمي وفي إدارة النمو السكاني، فإنني كذلك لا أرى خطة تنموية واضحة وشاملة لأجزاء الوطن. على سبيل المثال: لا أرى رؤية تعد بتخفيض سكان العاصمة بمقدار مليونين نسمة خلال عشر سنوات وزيادة النمو في أطراف البلاد بنسبة مماثلة. بل ألاحظ التناقض بين القول بوجود تنمية شاملة مستدامة على مستوى الوطن، وبين الفعل الذي ما زال يركز على دفع مزيد من السكان والمشاريع والكثافة بالمدن الرئيسة.

لا أتجاهل العوامل الأخرى، لكن ما ذكر أعلاه يمثل الجذر الرئيس للمشاكل التنموية التي نعيشها. يزعجني التشاؤم لكنني أريد من يطمئنني؛ ماذا نحن فاعلون؟ هل لدينا رؤية للمستقبل؟

malkhazim@hotmail.com
لمتابعة الكاتب على تويتر @alkhazimm

نقطة ضوء
جذور مشاكلنا
د. محمد عبدالله الخازم

د. محمد عبدالله الخازم

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

طباعة حفظ

للاتصال بنا الأرشيف الإشتراكات الإعلانات مؤسسة الجزيرة