في هذا الزمن الراعف حقا، وحيث يتسيد الشاشة الفضية قبلاً هذا اللون الدبق الأحمر، والذي يتشكل دما يسيل دماً على صفحتها الملساء صباحاً ومساءً مصحوباً بموسيقى النوح والبكاء ومناظر تلك الأشلاء البشرية التي تتطاير في كل الأنحاء، دموع الأطفال الأيتام المفقودين إذ تسقط مثل عناقيد «النابالم» فوق ضمير الإنسان، الميت بفعل أخيه الإنسان، الوالغ بدم أخيه الإنسان، فبأي زمن يأكل فيه المرء والأحشاء ويقضم قلب الأول منا الآخر ويتلمظ مزهوا، مبتهجا بدون حياء، فيارب العزة ياذا العفو لن ينقذنا غيرك من هذي الشاشة ذات اللون الأحمر والتي تلاحقنا صباح مساء من باب البيت إلى المجلس للمقهى، بل حتى لو ولينا الوجه إلى الصحراء، تصبح حمراء الصحراء.
يصبح لون الشارع أحمر، لون الإسفلت القاتم أحمر، لون عباءات النسوة أحمر، حتى الغيم غدا أحمر والشجر الأخضر غدا أحمر، حتى الغيم غدا أحمر، زخ علينا مطر أحمر وأجرى أودية حمراء، من دم الإخوان الأعداء.