المتأمل في التاريخ القديم والحديث يجد أن كل أمة تعتز بأن لها خصوصيتها ومجداً يدرّس لأجيالها، يفتخرون به، ويضعونه أساساً في ثقافتهم القومية ورابطاً قوياً للحمتهم الوطنية، حتى ترى كل شيء في مفاصل حياتهم يترجم خصوصيتهم والجميع يحترم هذه الثقافة والخصوصية مهما كان لبعضهم من آراء قد تختلف مع هذه الخصوصية، وذلك حفاظاً على المكتسبات الوطنية، وهذا من صميم المواطنة الحقة ومؤشر رئيس من مؤشراتها وصدق الانتماء لها والدفاع عنها لأنها بلاده وموطنه الغالي وهذا هو الوعي الحضاري الذي سُبقنا عليه مع الأسف.
فالأمم الواعية المنتجة المبدعة مثل ماليزيا وسنغافورا واليابان وغيرها.. اتجهت إلى البحث العلمي المحكم والتطوير التقني والصناعات الحيوية والمعلوماتية، ولم يشتغل المثقفون فيها بالقضايا الخلافية الجدلية التي تتصادم مع الخصوصيات والهوية الوطنية التي هي بمثابة القواعد الأساسية التي بنيت عليها الدولة مرتبط بقاؤها ببقائها.
وبناء على ما سبق، فإن للمملكة العربية السعودية خصوصيتها التي لا يسع أي مواطن أو مواطنة إلا أن يفتخر بها ويذب عنها، وأن يكون صادقاً معها ويربي عليها أبناءه، ومن أهم تلك الخصوصية:
1- دستور المملكة العربية السعودية القرآن الكريم وسنّة الرسول صلى الله عليه وسلم. كما نص على ذلك النظام الأساسي للحكم الصادر عام 1412هـ.
والله يقول في كتابه العزيز: {قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ}(163)، (162) الأنعام.
2- المكان الذي عاش فيه رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم، ودفن فيه، ودرج فيه الصحابة الكرام وأمهات المؤمنين رضي الله عنهم أجمعين.
3- وجود الحرمين الشريفين وقِبلة المسلمين في المملكة العربية السعودية، يتجه إليها المسلمون خمس مرات في اليوم والليلة، ولا تُقبل صلاة مسلم في أنحاء العالم حتى يتجه إلى مكة المكرمة.
4- مجمع خادم الحرمين الشريفين الملك فهد لطباعة المصحف الشريف وهو أكبر مجمع ثقافي في العالم يعنى بطباعة القرآن الكريم وبالقراءات العشر المتواترة عنه صلى الله عليه وسلم وبجميع اللغات الحية في العالم وتوزع منه ملايين النسخ.
وبناء على ما سبق من هذه الخصوصيات فإنها تُملي على الجميع في المملكة العربية السعودية أن تكون مفاصل الحياة فيها منطلقة من هذه الخصوصية ومتناغمة معها وداعمة لها، وأن نفتخر بها ويفتخر بها أبناؤنا في المحافل المحلية والإقليمية والدولية.