عندما انهارت الشركات الأمريكية العملاقة أثناء الركود الاقتصادي لعام 2007 - والتي لم تنهر هي أو مثيلاتها في الكساد الاقتصادي لعام 1929 والركود الاقتصادي لعام 1943، وعام 1967، وعام 1973 وعام1983 وغيرها من الأزمات الاقتصادية التي عصفت بالولايات المتحدة - بدأ المعنيون في المجتمع الغربي وفي الولايات المتحدة الأمريكية على وجه الخصوص يفكرون جديا في إيجاد آلية يحكمون -بضم الياء وكسر الكاف- بها أداء تلك الشركات وذلك لضمان قيامها بمسئولياتها، بالمهنية والمصداقية والأمانة المطلوبة ولضمان عدم تعارض المصالح.
وبمعنى آخر فإنه عندما انتقلت تلك الشركات من الملكية الفردية إلى الملكية العامة وأصبح المدير غير المالك لجأ المجتمع الغربي إلى تأكيد وتأصيل آلية الحوكمة لتلافي الفوضى وتعارض المصالح. وهو إجراء حسن لاقى ارتياح المجتمع الدولي بأسره خاصة وأن أداء الشركات الأمريكية العملاقة ذا أثر متعد وليس لازما في محيط أوطانها.
ولكن الأمر الذي يثير التساؤل والذي دعا الفقير إلى ربه لكتابة هذا المقال هو لماذا لم يستعن العالم بمبادئ الحوكمة عندما اتجه إلى النظام العالمي الجديد من وانتقل من النظام الأممي إلى المؤسسات فوق الأممية وقام بإنشاء هيئة الأمم المتحدة في العام 1945م وصندوق النقد الدولي والبنك الدولي في ذات الفترة وأخيرا وليس آخرا منظمة التجارة العالمية في ابريل من العام 1995م ...إلخ. وأصبح العالم محكوما بمجموعتين من القوى: المؤسسات فوق الأممية والدول العظمى. مما جعل مصائر السياسة والاقتصاد في المحيط العالمي مرهونة بتوجهات وسياسات قد لا تعكس بالضرورة مصالح جمهور المستفيدين (وهم في هذه الحالة بقية دول العالم). الأمر الذي قد يفضي إلى فوضى عالمية تضيع فيها حقوق الأغلبية في غياهب ممارسات القلة.
الاتحاد الأوربي يمثل حالة جديرة بالدراسة والاهتمام. فعلى الرغم من أنه من أنجع إن لم يكن أنجع التكتلات الاقتصادية إلا أنه لم يستطع معالجة الأزمات الاقتصادية التي عصفت ببعض أعضائه وامتدت إلى الآخرين، وفوق ذلك فإن هناك من الأعضاء المؤسسين من يفكر جديا بالاستقلال عنه.
ولعل الكثير منا يدرك بعض النتائج السلبية على المستوى السياسي والاقتصادي الدولي للنظام العالمي الجديد غير المقنن. أزمات اقتصادية متتالية وازدياد نسب البطالة وازدياد نسب الفقر وارتفاع الأسعار وحروب عملات وحروب عسكرية وانتفاضات شعبية في أوربا وفي الشرق الأوسط وفي أرجاء أخرى من العالم تفسر حالة من عدم الرضا...إلخ.
لماذا غفل العالم عن التفكير في آلية تحكم ممارسات العولمة بأبعادها السياسية والاقتصادية والعسكرية ....إلخ؟
قبلنا نصيحة المجتمع الدولي المتحضر في حوكمة الشركات وأخذنا بذلك أو في سبيلنا للأخذ به، بقي أن نذكر المجتمع الدولي بما هو أهم من الشركات وهو حوكمة النظام العالمي الجديد، فهل من حوكمة وحاكمية للعولمة ذاتها؟
@falsultan11