وكالعادة مع بداية فصل الصيف تبدأ أرتال أعضاء التدريس بالجامعات التوجه للخارج بحجة حضور الدورات التدريبية المتنوعة. اللهم لا حسد؛ من يكره التدريب والسياحة مجتمعان على طريقة المثل القائل حج وبيع سبح. رغم ذلك هناك أسئلة تستحق أن نطرحها في ظل تنامي الظاهرة والاستغلال الواضح من قبل البعض في تحويل المشاركة في التدريب إلى مجرد فسحة أو الحصول على فائدة مادية إضافية وربما غير مستحقة في بعض الحالات.
التدريب يبدأ بتحديد مدى الحاجة الفعلية له، وللأسف لايوجد آليات علمية أو إدارية موضوعية تبين حاجة عضو هيئة التدريس لحضور دورة ما أو مؤتمر. حجة الفائدة من الاطلاع على المستجدات والاحتكاك أصبحت أكليشة غير منضبطة وغير مقننة علمياً بشكل يرتبط بالتخصص وحاجة المتدرب المهنية والعلمية وحاجة الجامعة والبلد. حضور الندوات والمؤتمرات والدورات الخارجية ليس مرتبطاً بإنتاجية بحثية أو تعليمية محددة، يمكن قياسها وإنما هي، في حالات، رغبات شخصية في السفر ومجاملات إدارية يتكرم بها المسؤول بسخاء. أحياناً على حساب أوقات التدريس والبحث والمهام الجامعية الأخرى.
وحتى بعد العودة ليس هناك آلية تقيس الفائدة التي تم الحصول عليها، بل أن البعض لا يحضر كامل الدورة أو الندوة فيعود يكمل النماذج الروتينية وكفى. التدريب الذي لا تحقق فائدته العلمية الحقيقية ولا يمكن قياس أثره يعتبر هدراً في الموارد والوقت.
بعض الجامعات تمنح تذاكر درجة أولى وانتداب ورسوم تسجيل للدورة وبعضها لا تقدم جميع تلك الميزات.
بعض الجامعات تسمح لعضو هيئة التدريس بالسفر لحضور دورات ومؤتمرات مرة ومرتين وثلاث وأكثر في السنة الواحدة وبعضها تسمح مرة واحدة مشترطة مشاركة عضو هيئة التدريس بورقة علمية وبعضها بين هذا وذاك.
بعض أعضاء هيئة التدريس يختار أبعد الدول لزيادة قيمة تذكرة الدرجة الأولى التي تتحول سياحية والبعض يركز على اختيار دول جديدة في كل رحلة علمية وكأن الموضوع سياحة عالمية وبعضهم يزور جامعته التي درس بها وأصدقاءه القدامى في الصيف والشتاء بحجة الرحلات العلمية التي قد لا تتجاوز مجرد سينمار (حلقة نقاش) لا تتجاوز ساعات.
هذا هو سوق الرحلات العلمية الخارجية، كما تسمى، الذي يتكسب فيه بعض أو أكثر من البعض من زملائنا أعضاء هيئة التدريس بالجامعات. ورغم عدم محبتي للتدخل في عمل الجامعات ورغم أهمية تشجيع الجميع للاستفادة من الفرص التدريبية الخارجية والاحتكاك العلمي مع الكفاءات العالمية، إلا أن الوضع ربما يحتاج تقنين ويحتاج ترسيخ مبدأ العدالة في إتاحة الفرص للجميع. وفي جميع الجامعات السعودية الحكومية التي تحصل على ميزانياتها من الدولة.
كيف يمكن تحقيق ذلك؟
المساحة لا تكفي للإجابة بالتفصيل، لكننا نحتاج تحديد:
1 - معايير الانضمام الموافقة على الرحلات العلمية الخارجية حضوراً ومشاركة
2 - عدد المشاركات السنوية المسموح بها لبعض هيئة التدريس
3 - طريقة دعم تكاليف المشاركة بشكل يغطي تكاليف الرحلة ودون تحويلها إلى وسيلة تكسب مادية
4 - آلية الاستفادة من المشاركات الخارجية ونقل الخبرات المستفادة للجامعة؛ طلاباً وأساتذة وإدارة ومجتمع.
وكل صيف وأنتم بخير
malkhazim@hotmail.comلمتابعة الكاتب على تويتر @alkhazimm