قطعة زبرجد أخضر زيتوني..
الحرَّة «كِشْب»..
قنينة عطرِ زيتونٍ عشبي ..
الروضة « تركية»..
الزبرجد حجري صلد لامع..
تتلألأ فيه قطع كما حدقات العيون..، تبرق كما عيون النجوم..!!
العطر سائل فوّاح..
تتعطف فيه النسمة، والرقة، والدعة، تهفهف كما عبور النسمة..!!
حجز الزبرجد «عقدة أولفين»..، وقنينة العطر..، كلاهما جاءتاني في لحظة هادئة..
يصمت فيها الضُّحى عند انكسار ظل وارف السدرة هناك، على مفرق طريق يؤدي إلى حجرته، حيث يتأمل حكمة الله في صفوف الساجدين، والراكعين، كلما أقام إمام المسجد الحرام صلاة من الخمس..، أو جلس إلى المنبر يخطب فيهم.. تأمل وتأمل، تفكر طويلاً وتابع..، ثم فض عن صمته:
«لو أن المسلمين متفقون متحدون كما هم في الصلاة..؟»
يقولها..، ويطلق تنهيدة طويلة..
فتأملت الحجرَ..
قلتُ له:
يبرقون كما الزبرجد، قساة كما صلابة جلموده الذي بين يدي..
هناك يفوح الذكر على لسانه كما يفوح العطر من زجاجته..
جلست إليه، كلاهما معي..، بين يدي..
التفت إليهما مندهشاً: يا لعجيب صنع الله: العطر عشبي من الزيتونة..
والزبرجد أخضر زيتوني من الحجر..
والله وحده هو الذي منحهما البهجة، واللون، والشكل، والرائحة، والبريق..
حال لسانه أن يقول عنهما، فقلتُ..!
خضرة الحجر، والعطر..
قاسم الزيتون، عامل التوافق بينهما وإلا..،
الصلد ضد السائل..!!
لكنها كانت جدول نهرٍ، غسل من النفس بقايا الطريق، الظل، الضحى،
والمسافة بين المصلين وشاشة التلفاز..
بل بينه وبينهم في التشبيه..!
عنوان المراسلة: الرياض 11683 **** ص.ب 93855