1) معالي الشيخ الدكتور محمد بن سعد الشويعر ـ كبير مستشاري الشيخ بن باز -رحمه الله- ثم عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ المفتي العام للمملكة العربية السعودية المباركة -وفقه الله ـ ملء السمع والبصر، لا تكاد تفقد صوته وصورته في وسائل الإعلام المرئيّة والمسموعة والمقروءة والنوادي الأدبية يُشَرِّفها بجدّه وعلمه فَيملأ حَيِّزاً مهمّاً من نشاطها أو فراغها الضّال عن هدي الوحي والفقه الذي قامت عليه من أوّل يوم دولة التجديد والتوحيد السعودية، وهو من خير من عرفت من أهل شقراء وغيرهم أهلية لأن يُنَصّ قدوة صالحة للمسلمين في المملكة العربية السعودية المباركة بخاصّة وغيرها بعامّة وبما أنّني في الطرف الأقصى من حياتي ـ والله أعلم ـ وذلك ما أحبّه لنفسي ( مع رضاي بقدر الله لي)، وبما أنّي رأيت من العدل والحكمة تقديم القدوة الصّالحة وصاحبها حيّ يرزق أولى من تأخيرها بعد الممات ليعلم النّاس أن لهم (بل عليهم) الاقتداء بالصّالحين في حياة المقتدي والمقتدى به، فقدّمت نماذج مميّزة للدّين والدّنيا أو فيهما معاً، وبدأت بخير من عرفت: الشيخ بن باز -رحمه الله- بعد بلوغي الستّين، وكنت أظنّها آخر سنيّ حياتي، وبين الستّين والثمانين قدّمت نماذج للقدوة الصّالحة من الأفراد والفِرَق والبلاد والدّول ميّزها الله على بقيّة خلقه وأرضه، وخير الدّول بعد القرون الخيّرة: دولة الدّعوة السّعوديّة، وخير البلاد ما وَلِيَتْه من جزيرة العرب (حيث لا مكان للشرك والبدع)، وخير الفِرَق: السّلفيّة، بل هي وحدها الفرقة النّاجية والطّائفة المنصورة لاتّباعها الوحي بفقه السّلف في القرون الخيّرة، ومن خير من عرفت من الأفراد: د. محمد بن سعد الشويعر.
2) عمل عدد سنين في وزارة المعارف ثم عمل عدد سنين في الرّئاسة العامّة لتعليم البنات، ثم اختار الله له ثم اختار لنفسه العمل في رئاسة إدارات البحوث العلميّة والدّعوة والإرشاد برئاسة المفتي العام عبد العزيز بن باز، وبعد وفاته -رحمه الله- استمرّ في العمل برئاسة نائبه عبد العزيز آل الشيخ ولا يزال.
3) منذ عرفته رأيته متميّزاً في دينه وخُلُقه وسمْته وهدوئه، ولكنّي لم أعرفه في الحقيقة إلاّ بعد انتقاله للعمل برئاسة ابن باز -رحمه الله- انتقل إلى رئاسة إدارات البحوث ليقوم على مجلّة البحوث التي تصدرها الرّئاسة وهي مجلّة علميّة رصينة لا يسهل وجود من هو أهل للقيام عليها من السّعوديّين بل العرب بل المسلمين. وبعد أن دارت المجلّة على المراضع (وحُرِّمَتْ عليها) وفق الله أحد الكتّاب (أحسبه عثمان الصّالح رحمه الله) فاقترح عرضها عليه فَقَبِل أن يُنْدب من تعليم البنات لمدّة معيّنة كافية للتّجربة، وامتدّت هذه المدّة أكثر من ربع قرن حتى هذه السّاعة، وتجد اسم د. الشويعر في ذيل قائمة المشرفين عليها تواضعاً منه، بينما أعرف أنّه يكاد أن يكون المشرف الوحيد عليها، وهو بلا شكّ المشرف الأوّل والمسئول الأوّل عمّا ينشر فيها. ولما تبين من حديثه مع أخي إبراهيم -رحمه الله- كثرة العمل في مكتب ابن باز وقلّة العاملين تطوّع بتحمّل ما يحال إليه منه، ودهش الأخ إبراهيم لأنّه تعوّد من الموظف الحكومي التّهرّب من بعض حمله إذا وجد إلى ذلك سبيلاً فكيف يتطوّع هذا الرّجل النّبيل بحمل مسئوليّات غيره؟ لا عجب، فهو محمد بن سعد الشويعر، وكفى. وهكذا سخر الله للشيخ بن باز -رحمه الله- من ينافس أخي إبراهيم في الصّبر على جَلَد ابن باز وسهره وكثرة أعماله الحكوميّة والتّطوّعيّة احتساباً للأجر عند الله وخدمة ونصيحة للدّين ولولاة المسلمين وعامّتهم.
4) في عام 1407 صدر له كتاب فريد لم يُكْتَب مثله بعنوان. (تصحيح خطأ تاريخي حول الوهّابية)، يفنّد الخلط بين الوهبيّة أو الوهّابيّة التي أنشأها عبد الوهّاب بن رستم (ت 197) في النّصف الثاني من القرن الثاني للهجرة، وبين دعوة الإمام المجدّد محمد بن عبد الوهّاب وآل سعود في القرن الثاني عشر للهجرة ومن بعده إلى هذا اليوم. ولتركيزي بفضل الله على دعوة الرّسل التي جدّدها ابن عبد الوهّاب. وحماها الله بآل سعود، رأيت في المؤلَّف والمؤلِّف تميّزاً لم أره من قبل أبداً في غيرهما، ونبّهني إلى ما لم أكن تنبّهت له من فضل الله عليه وفضل الله به على هذه الأمّة، وتتالت طبعات الكتاب وترجماته.
5) لا أشكّ أنّ الله بارك في وقت د. محمد بن سعد الشويعر وفي جهده وفي عمله وفي خُلُقه ليتمكّن من أداء حقّ الله عليه وحقّ أمّته وصلة رحمه وأداء أعماله الوظيفية والتّطوّعية والتّدريس والتّأليف، ولوْ زُرْتَه أو قابلته أو هاتفته لظَنَنْتَ أنّه متفرّغ لا عمل له غير محادثتك. ولكنّه مع ملازمته للشيخ ابن باز -رحمه الله- ثم الشيخ ابن الشيخ وقيامه على مجلة البحوث ودروسه في وسائل الإعلام والنّوادي الأدبيّة وزياراته الدّائبة للأرحام والأصدقاء، وفوق ذلك كلّه مواظبته على أداء فرائض العبادة حيث ينادى بها، ونوافلها في منزله، رغم أدائه كلّ هذه الحقوق التي ينوء بجزء منها أمثالي، بورك له في الوقت ليخدم الشّرع والأمّة بجمع فتاوى ومقالات الإمام المجدّد ابن باز -رحمه الله- في نحو (60 ) مجلّداً، وكنت أحسب أنّ جَمْع فتاوى ابن تيمية -رحمه الله- آخر ما يصل إليه جهود البشر في هذا العصر، وجامعها وابنه -رحمهما الله- متفرِّغان لها، ولكنّ البركة من الله تعالى لا حدّ لها، ولولاها لما تيسّر لابن قاسم -رحمه الله- وللشويعر -زاده الله من فضله- مثل هذا الإنتاج العظيم النّادر الذي يُحْيي به الله الإسلام والمسلمين.
6) وقد أجلب الشيطان بخيله وحميره وبغاله ورجِلِه لعَرْقَلة هذا العمل العظيم لهذا الرّجل العظيم، واستفزّ أعوانه من القاعدين عن الخير السّاعين في الشّرّ، حتى رأى د. الشويعر من حقّ الشيخ ابن باز وحقّ العمل العظيم الذي استعمله الله فيه أن يعرض عليه ترك العمل في الرّئاسة والعودة إلى عمله قبلها: مديراً عامّاً للتّعليم المتوسّط (للبنات) فذكّره الشيخ ابن باز -رحمه الله- بمحاربة الشيطان وأعوانه من الإنس والجن كل إصلاح، وكلّ مصلح من الرّسل فمن دونهم وبيّن له أنّ تركه العمل في رئاسة البحوث والإفتاء تحقيق لهدف إبليس ومن يركبهم من الحركيّين الضّالّين للإفساد في الأرض، فردّ الله الحركيّين بغيظهم لم ينالوا خيراً، واطمأنّ الشيخ الشويعر لحكمة الإمام ابن باز وثقته، وشدّ الله عضده به فلم يلتفت بعدها لوساوس ودسائس وافتراءات إبليس وجنده، وانشغل بما ميّزه الله به من خدمة الدّين وأهله، وحفظه الله ذخراً للإسلام، وقدوة صالحة للمسلمين، وقذى في أعين المعتدين.
7) اتّسع وقته المبارك لتأليف نحو عشرين مؤلّفاً أذكر منها:
(8) منها في أحكام الشريعة وآدابها والذّبّ عنها.
(4) في الآداب.
(4) في التّاريخ.
(1) في الأعلام.
ولعلّ ما خفي منها أكثر مما عرفت.
8) وأعجب مميّزات الشيخ د. الشويعر ـ مع ما تقدّم ـ أنّني لم أره متبرّماً مرّة واحدة أو شاكياً من كثرة المسئوليّات التي قدّرها الله تعالى فقبلها شاكراً راضياً مرضيّاً. ولله في خَلْقه شؤون.