|
الجزيرة - علياء الناجي:
كشفت المحامية السعودية بيان الزهران لـ«الجزيرة» استنجاد عدد من الفتيات المعنفات بدور الحماية الاجتماعية بها كحقوقية لإزالة الظلم الواقع عليهن، وكان ذلك بداية دخولها للحقل القانوني كمحامية. وذكرت أن طلب الفتيات جعلها تتجرأ وتطلب من الجمعية التابعة لها بعمل تفويض لها بموجب عملها في جهة حقوقية كمحامية عنهن، مشيرة في ذات الصدد إلى أن أكثر القضايا التي تصل إليها هي أحوال شخصية (عشرة بالمعروف وإصلاح ذات البين، فسخ عقد نكاح، خلع، حضانة، نفقة، مؤخر صداق، عضل)، والقضايا الحقوقية سواء (مالية، طلب منع تعرض، قذف وتشهير، عنف)، أما عن القضايا التي تم الحكم فيها لصالح المدعية 30 قضية.
وأشارت الزهران إلى أن الكثير من القضاة متقبلون وجود امرأة تدافع عن امرأة مثلها وجميع العاملين يتعاملون بكل احترام، لافتة إلى أنه لا يوجد تعارض من الناحية الشرعية بهذا الشأن خاصة حين تلتزم المحامية بالحجاب الشرعي والتعامل في ظل الشريعة الإسلامية كما أن المرأة لديها أمور خاصة لا تستطيع التفوه بها للرجل المحامي، ووجود محاميات أصبح ضرورة لكثرة المعاملات النسائية المعروضة أمام القضاء.
يُشار إلى أن بيان محمود الزهران إحدى ثلاث فتيات سعوديات اقتحمن العمل بالحقل العدلي بعد تخرجهن من قسم القانون بجامعة الملك عبدالعزيز بجدة، ويعود لهن السبق باقتحام المرأة عالم المحاماة ومزاولتها بموجب تفويض ينوب محل الترخيص بحكم عملهن كموظفات في جمعيات حقوقية لتقديم الخدمات الاستشارية القانونية والترافع في المحاكم في القضايا التي تخص النساء.
استجماع القوى للبداية
* بداية كيف تملكتك جرأة اقتحامك للترافع بالمحاكم السعودية مع علمك المُسبق بعدم وجود ترخيص للمرأة بمزاولة المهنة؟
- السبب الأول الذي دفعني للعمل في المجال القانوني الإنساني هو حبي لخدمة ديني ووطني الغالي ومساعدة النساء ضحايا العنف اللاتي ليس لديهن علم بحقوقهن وكان لوالدي ووالدتي -أطال الله بعمرهما - الفضل بعد الله سبحانه لهم بغرس المبادئ الدينية في داخلنا والتعامل على العدل وحب الخير.. أما عن عدم وجود ترخيص فأنا أمارس المهنة بتفويض من جمعية حقوقية وهو ينوب محل الترخيص.
* كيف استطعت الحصول على فكرة إنابة التفويض عن ترخيص ترافعك عن القضايا كونك تعملين تحت مظلة جهة حقوقية؟.. وهل هناك جهة مدت لك يد العون بالمشورة هذه؟
- حين احتياج وطلب عدد من المقيمات بدار الحماية مرافقتي كحقوقية ولدي علم بالمجال القانوني وآلية الإجراءات المتخذة لحل القضايا واسترداد الحقوق تم إرسال خطاب من الجمعية لتفويضي بذلك، أما من أعانني فلا أنكر فضل رئيسة مجلس الإدارة الدكتورة إنعام ربوعي وأستاذي المستشار القانوني الدكتور عمر الخولي وبتعاونهما المثمر بهذا الشأن.
بدايتي مع المرأة المعنفة
* ما هي أول قضية تم التعامل معها؟.. وما هو الشعور الذي انتابك أثناء الدفاع؟
- أول قضية قمت بها كعمل إنساني حيث إنني كنت خريجة حديثة وأتعاون مع المساكن الخيرية لمساعدة النساء اللاتي لا يتوفر لديهن أي دخل لتوكيل محامي وأقدم لهن الدعم والمساندة القانونية وتثقيفهن بحقوقهن، ولكن أثارت عاطفتي إحدى السيدات أتت تطلب إيواءها بالسكن الخيري حيث أن زوجها قام بطردها من المنزل وحينما سألتها ما هو السبب لطرده لك في وقت متأخر من الليل؟.. فذكرت بأنه تزوج من أخرى منذ عام وأسكنهما في منزل واحد وبعد ذلك أصبح دائماً ما يضربها هي وابنتها التي يفترض أن يكون هو الأب الحنون لها، وفي آخر مرة تجاوز الأمر ووصل إلى أن زوجته ضربت ابنتها ضرباً مبرحاً فعارضتها لأنها طفلة ولا تتحمل هذا العنف فقام بطردها من المنزل.. انفعلت حقيقة مما رأيت على الطفلة من آثار للضرب، لأسألها عزيزتي كيف تحملتِ كل هذا الظلم؟.. فتشير لي بيديها حتى أستطيع أن آكل!.. وبالتالي أصبحت أسرد لها حقوقها الشرعية والأخطاء التي وقعت بها بسبب جهلها بحقوقها وأنه لا يحق لزوجها شرعاً جمع زوجتين في مسكن واحد، فأصبحت ترفع كتفيها شيئاً فشيئاً لتشعر بقيمتها الإنسانية كمسلمة، وتم إبلاغ الشرطة وتحويل الطفلة للمستشفى للكشف الطبي وثبوت تقرير طبي بمدة العلاج، وحكم لصالحها بحضانة طفلتها والأنفاق عليها وفسخ عقد النكاح دون عوض للضرر الواقع عليها وتوفير سكن لإيوائها هي وطفلتها وصرف لها مبلغ من الضمان الاجتماعي.. ولا أنسى أن أثني على جهود وزارة الشئون الاجتماعية بهذا الشأن في ظل حكومة خادم الحرمين الشريفين -حفظه الله- ذخراً لنا ولوطننا الغالي وفي نهاية المطاف لم يصح إلا الصحيح.
تعامل مشكور من القضاة
* صفي تعامل قضاة المحكمة العامة بجدة بعد حضورك لساحات القضاء لأول مرة.. وكيف عاملك محيط المحكمة في أولى لحظات معرفتهم بترافعك بقضيتك الأولى؟
- حقيقة الكثير متقبل وجود امرأة تدافع عن امرأة مثلها وجميع العاملين يتعاملون بكل احترام، حيث إنه لا يوجد تعارض من الناحية الشرعية بهذا الشأن خاصة حين التزام المحامية الحجاب الشرعي والتعامل في ظل الشريعة الإسلامية كما أن المرأة لديها أمور خاصة لا تستطيع التفوه بها للرجل المحامي، ووجود محاميات أصبح ضرورة لكثرة المعاملات النسائية المعروضة أمام القضاء وحيث إنه يسمح بذهاب المرأة عامة إلى المحاكم فما المانع من أن تكون المرأة المحامية معنية بالذهاب أيضاً للمحاكم للدفاع عن بنات جلدتها.
* كم عدد القضايا ونوعها التي ترافعتِ فيها وكسبتها؟ وكم عدد التي خسرتها؟
- أكثر القضايا هي أحوال شخصية (عشرة بالمعروف وإصلاح ذات البين، فسخ عقد نكاح، خلع، حضانة، نفقة، مؤخر صداق، عضل) والقضايا الحقوقية سواء (مالية، طلب منع تعرض، قذف وتشهير، عنف)، أما عن القضايا التي تم الحكم فيها لصالح المدعية 30 قضية، وأما بسؤالك عن القضايا الخاسرة فلله الحمد لم يسبق أن ذهبت المحكمة بمرافقة إحدى الحالات وتم إصدار حكم ضدها وربما يعود ذلك لعدم قبولي بالمساهمة في أي قضية لشخص غير مستحق لها، ولابد أن يتبين لي أنها مظلومة ولا ترغب إلا في استرداد حقها المشروع بكتاب الله وسنة نبيه المصطفى عليه أفضل الصلاة والتسليم، واعتمد في ذلك على أساليب حديثة في فهم إذا كانت الحالة تستحق المساعدة القانونية أم هي تدعي ذلك من خلال سرد الأحداث وتوافق الحديث ووجود أدلة تساهم في إيجابية القضية من الناحية القانونية كما أنني أعتمد على لغة الجسد وعلم قراءة الوجوه الذي تميز به عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
هل تنوين في المستقبل حصر ترافعك للقضايا على السيدات دون الذكور؟
- نعم، أنا تخصصت في هذا المجال خاصة حتى أستطيع تقديم مساعدة للنساء فقط واللاتي تلمست كثيراً أنهن يعانين من الظلم ولا يجدن من يساندهن ويرشدهن من الناحية القانونية.
* هل تنوين أنتِ ومجموعة الخريجات من قسم القانون بجامعة الملك عبدالعزيز برفع طلب وشرح لوضعكن للمقام السامي لممارسة المهنة.. خصوصاً وأن عملكن محصور مع القضاة وهم من أخير الناس؟
- بحسب ما علمت أن هناك مجموعة من الخريجات تقدمن بطلب بهذا الشأن وكما عهدنا من خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز -حفظه الله ذخراً لوطننا الغالي- بأن يسمح لنا بمزاولة المهنة لمساعدة المواطنات اللاتي يحتجن لتخصيص هذا المجال للنساء كمحاميات.
* نما إلينا بأن هناك رفضاً من قبل وزير العدل الحالي لطلب مجموعة من خريجات القانون بمزاولة مهنة المحاماة في أروقة المحاكم.. ما صحة ذلك؟
- بحسب علمي أن معالي وزير العدل -حفظه الله- لم يصرح بالرفض عن مزاولة المهنة، ونحن نتأمل من معاليه تفعيل دور المحامية السعودية.
* برأيك.. ما هو مغزى التحول الكبير لتعيين المرأة في مناصب قيادية في مختلف القطاعات؟
- التغيرات كثيرة ولا تحصر، فهناك جهود حثيثة لمشاركة المرأة بشكل أوسع في شتى المجالات، حيث حظيت المرأة في عهد مولاي خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز -حفظة الله- بدور فعال في بناء المجتمع من خلال السماح لها بتولي مناصب قيادية في الدولة؛ مثل تعيينها في بمجلس الشورى ونائبة وزير، وبمناصب مختلفة.. وذلك إيماناً من حكومتنا الرشيدة بدور المرأة الفعال بالمجتمع؛ إذ إنها تمثل نصف المجتمع لتساهم بخدمة دينها ووطنها الغالي، بالإضافة إلى أن هناك العديد من الأمور لا يمكن للرجل الخوض بها كالمرأة لخدمة امرأة مثلها، حيث إنها أقرب تفهماً لها من الرجل.
* ما الذي تنتظره المرأة على صعيد الأنظمة.. ويسهل مراجعتها لمختلف القطاعات؟
- وفرت الأنظمة ضمانات كافية لحماية المرأة وسلامتها من أي خطر وما يميز نظامنا هو اعتماده على شريعتنا الإسلامية الصالحة لكل زمان ومكان والتي كفلت للمرأة جميع حقوقها فلا توجد امرأة يسلب لها حق في هذه الأرض المباركة إلا بمقدار ما تتنازل بإرادتها عنه.. فالمرأة لها الحق في رفع الدعوى إذا تعرضت لأي ضرر سواء مادياً أم معنوياً والقضاء ينصفها؛ كما لها حق التعليم والتعاقد والاستقدام والاستثمار والامتلاك واستخراج السجل التجاري وإصدار بطاقة الهوية الوطنية والتي تمكنها من الاعتماد على نفسها وإنجاز أعمالها ومصالحها لتسهيل مراجعتها لمختلف الدوائر الحكومية.. وتنتظر المرأة فتح أقسام نسائية بالمحاكم الشرعية لاستقبال طلباتها واستفساراتها لتسهيل خدمة مراجعتها بشكل أفضل.
* كيف ترين المرأة المجتمع حالياً.. وهل لا زالت تعاني من الإقصاء والتهميش؟
- لا تعاني المرأة من أي تهميش حيث إن المرأة أصبحت أكثر وعياً بحقوقها الشرعية وتطالب بها، وبالتالي أصبح المجتمع يدرك أن لها حقوقاً شرعية من الكتاب والسنة لا يجوز لأحد المساس بها، فما يحكمنا هو الشريعة الإسلامية التي ضمنت للمرأة حقوقها وكرامتها كاملة وجعلتها متوجه ومصونة ولله الحمد.
* أخيراً.. ماذا تقولين لخريجات القانون وللفتيات السعوديات المُعنفات على مختلف الأصعدة؟
- نعم، أريد الإشارة إلى أنه من واقع خبرتي أن هناك خلطاً في فهم النصوص الدينية أسهم في تسلط الرجل على المرأة في بعض الحالات المعنفة، فيفسر الدين بحسب الرؤية والأهواء وهذا يسبب بسلب لحقوق المرأة، فنحن لا نريد سوى الشرع، وهذا ما دفعني أن أقوم حالياً بالعمل على تأليف كتاب سيرى النور قريباً -بإذن الله- لتجميع كل ما يخص المرأة المسلمة من حقوق في جميع معاملتها.. فالمرأة في الإسلام مقرر لها حقوق عادلة ترعاها وتحقق لها العدل جاءت لراحتنا وتكريمنا وجعلتنا مصونات مكرمات ولله الحمد.. وسيتم التعاون مع علماء الدين لتوثيق فهم النصوص الشرعية وذلك حتى تستفيد المرأة قدر الإمكان بتثقيفها عن حقوقها بموجب الشرع الذي هو من نظام الحكم الأساسي لهذا البلد الطاهر الأمين.