|
حقق مجلس الأعمال السعودي الهندي عدة نجاحات من خلال اللقاءات والمؤتمرات التي عقد بين الجانبين حيث إن الراصد للتطورات الاقتصادية الهندية يجد أنها ساهمت في أن تصبح الهند قوة اقتصادية عملاقة لها تأثيرها في الأسواق العالمية وأثبتت تواجدها في تلك الأسواق وأصبحت المنتجات الهندية منافسة قوية للمنتجات الغربية وقد بدا واضحاً تطور البنية التحتية القائم عليها الاقتصاد الهندي حتى أصبحت الصناعات الهندية لها وجودها في الأسواق العالمية واتجاهات الاقتصاديات العالمية نحو الهند إيمانا منها بقوتها الاقتصادية وسعي الدول الحثيث نحو الشراكة الاقتصادية مع هذا العملاق لدليل واضح أن النهضة الهندية الاقتصادية نموذجاً يمكن الاستفادة منه وهذا مطلب ضروري بحيث يتم إنشاء علاقات وشركات اقتصادية مع اقتصاديات عملاقة لها تجربتها المعتبرة دولياً والتي أصبحت وجهة للعديد من رجال الأعمال من مختلف دول العالم، وما كان يتحقق ذلك إلا بوجود بيئة اقتصادية جاذبة للاستثمارات وغير طاردة لها.
إن العلاقات الاقتصادية والتجارية بين المملكة والهند تمر بحالة نمو ملحوظ وتضاعفت ثلاثة أضعاف في السنوات الخمس الأخيرة. وتعتبر المملكة رابع أكبر شريك تجاري للهند، حيث بلغ حجم التجارة الثنائية بين البلدين 26.5 مليار دولار في عام 2011م. وتشكل واردات النفط الخام إلى الهند العنصر الرئيسي من عناصر التجارة الثنائية مع المملكة العربية السعودية كونها أكبر مورد للهند من النفط الخام، والسعودية هي رقم 11 من ناحية أكبر سوق في العالم للصادرات الهندية من جهة، وتمثل 2.08% من صادرات الهند العالمية. من جهة أخرى، تعتبر المملكة العربية السعودية هي مصدر 5.51% من واردات الهند العالمية. والهند هي خامس أكبر سوق لصادرات السعودية حيث تمثل 7.63% من برنامجها العالمي من الصادرات.
والراصد للعلاقات الثنائية المتينة بين المملكة والهند يجد أنها تطورت بشكل كبير من خلال الزيادة المتتالية في الصادرات والواردات خلال السنوات الماضية ولكن إجمالي حجم التبادل التجاري يصب في ميزان المملكة حيث أصبح الفائض في الميزان التجاري لصالح المملكة واضحاً حيث شهدت الآونة الأخيرة تطورا ملحوظا وارتفاعا في حجم التبادلات التجارية مما كان له أبلغ الأثر على فائض الميزان التجاري لصالح المملكة وهذا ما يوضحه الجدول التالي:
يوضح الجدول السابق أنه في عام 2002 بلغت نسبة الفائض لصالح المملكة 11435 مليون ريال، وفي عام 2003 شهد ارتفاعا ملحوظا حيث بلغ 16215 مليون ريال وفي عام 2004 وصل حجم الفائض 22003 مليون ريال، وفي عام 2005 وصل إلى 33353مليون ريال، أما في عام 2006م فبلغ الميزان التجاري 38656 مليون ريال وفي عام 2007 فبلغ 52591مليون ريال. وفي 2008م قد حققت المملكة فائضا في الميزان التجاري بلغ 67283 مليون ريال وانخفض هذا الميزان سنة 2009م ليبلغ 39856 مليون ريال. وارتفع في عام 2010م إلى 56775 مليون ووصل إلى ذروة الارتفاع لصالح المملكة ليبلغ 87081 مليون ريال في عام 2011م.
لقد ركزت الهند على التخصص في بعض القطاعات النوعية التي تملك فيها السبق والتفوق ولديها البنية التحتية القادرة على تحقيق هذا التطور فالقطاع الصناعي بالهند أصبح ينافس كثيرا من الصناعات التي كانت تسيطر على تلك الأسواق نتيجة تشجيع الإبداع التقني وإحياء الصناعات الصغيرة والانفتاح على الاقتصاديات العالمية وجذب الاستثمارات الأجنبية ذات التقنية العالية كما أن من أهم التجارب الناجحة بالهند هو منافستهم للسلع والخدمات العالمية والراصد لهذا النمو الواضح في الاقتصاد الهندي يجد أن يعتمد على مقومات عديدة من حيث توفر الخبرات ورخص اليد العاملة المؤهلة وتوفر الإمكانيات وقلة الإجراءات البيروقراطية وقد أشار البنك الدولي إلى أنه سيضاعف من قروضه للهند لتكون 2.5 ـ 3 بليون دولار سنوياً خلال ثلاث سنوات وستكون مخصصة لتطوير المناطق الريفية في قطاعات البنية التحتية وتطوير الموارد البشرية والمعيشية في المناطق الريفية خاصة وأن خطط وزارة الزراعة سوف تؤدي إلى ثورة خضراء خاص وهذا في حد ذاته يعتبر دفعة قوية للاقتصاد الهندي.
إن هناك سعياً من العديد من الشركات العالمية الغربية خاصة الشركات متعددة الجنسيات لدخول الهند والاستثمار فيها نتيجة لمناخ الاستثمار المشجع والتسهيلات المقدمة من جانب الجهات المعنية في الهند حيث تفتح المجالات المختلفة للاستثمار الأجنبي باستثناء بعض المجالات ذات الأهمية الاستراتيجية مثل الدفاع والسكك الحديدية، ويسمح نظام الاستثمار في الهند للشركات الأجنبية بفتح فروع فيها وتكون ملكيتها للشركة الأجنبية الأم بنسبة 100%، ولتشجيع الاستثمار الأجنبي أنشأت الهند هيئة مستقلة للاستثمار الأجنبي تسمى بـ هيئة تطبيق الاستثمار الأجنبي والتي تحمل على عاتقها العديد من الوظائف كتسهيل الحصول على الاعتمادات والتصاريح المختلفة وحل الخلافات بين المستثمرين، ونشر المعلومات حول بيئة الاستثمار في الهند، وتنظيم الندوات واللقاءات وغيرها لتنشيط الاستثمار، والتنسيق وإقامة علاقات مع الولايات المختلفة لتقديم التسهيلات للمستثمرين.
لذا؛ فإن الشراكة الاقتصادية بين المملكة وجمهورية الهند أصبحت مطلبا اقتصاديا ملحا نتيجة لانفتاح الأسواق وبروز التكتلات الاقتصادية العالمية وهذا ما يسعى إليه الجانبان من خلال الحرص على توسيع حجم الاستثمارات في البلدين لذلك تعتبر المملكة العربية السعودية هي أكبر مستثمر في الهند وهناك عدد من المشاريع المشتركة أو الشركات المملوكة للسعودية في الهند، في مجالات متنوعة مثل الورق وتصنيع المواد الكيميائية، وبرامج الكمبيوتر، وتجهيز الجرانيت والمنتجات الصناعية والآلات، والاسمنت والصناعات المعدنية،... وغيرها. في المقابل فقد أنشئت مشاريع مشتركة أو شركات تابعة ومملوكة بالكامل للهند في المملكة، وبلغ عدد التراخيص الصادرة لإنشاء مشاريع هندية في المملكة نحو 357 ترخيصاً، وتعتبر هذه التراخيص لمشاريع في قطاعات متنوعة مثل الإدارة والخدمات الاستشارية، ومشاريع البناء والاتصالات، والمعلومات والتكنولوجيا والمواد الصيدلانية، وفي مجالات التصميم والاستشارات والخدمات المالية وتطوير البرمجيات.. وهذه العلاقات الاقتصادية في نمو بين الجانبين إن شاء الله. تحية وتقدير للحكومتين السعودية والهندية ولكل الجهات الاقتصادية التي ساهمت في تنمية العلاقات بين الجانبين.
مدير دار الخليج للبحوث والاستشارات الاقتصادية - نائب رئيس مجلس الأعمال السعودي الهندي - tawfiq@gulf-bureau.com