نشد على يد سمو الأمير سلطان بن سلمان، على الجهد الكبير المبذول، لتطوير معالم السياحة الداخلية في المملكة، والتي تعتبر من الناحية الاقتصادية، مصدر للدخل السعودي قبل النفط، حيث يشهد قطاع السياحة في المملكة تطوراً ملحوظاً، يسهم في الناتج المحلي، ويدعم الاقتصاد الوطني، ولا شك أن السياحة الداخلية، تسير بخطى جيدة، وتشهد تطوراً كبيراً، وذلك بالجهود التي تقوم بها الهيئة العامة للسياحة والآثار، لتحويل السياحة في المملكة إلى قطاع منتج اقتصادياً، وتوفر فرص عمل حقيقية للمواطنين.
ولو دققنا بالأرقام لوجدنا أن قطاع السياحة قطاع ضخم، ومهم جداً، ويشكل مصدر دخل رئيسياً إذا ما التفتنا إليه بحق، وإذا ما عملنا على خلق صناعة، ذات مواصفات متقدِّمة، فقد بلغ عدد تأشيرات الحج والعمرة في 2012م أكثر من 6 ملايين تأشيرة، وتمكّن القطاع من جمع أكثر من 10 مليارات دولار، وهي تشكل نحو نصف إجمالي قطاع السياحة في المملكة، وفي 2012م شكلت السياحة الدينية نسبة 50%، وأسهمت في تطوير الناتج المحلي بنسبة تجاوزت 12% سنة 2013م، ونسبة توظيف 40% من العاملين في القطاع السياحي، كما أسهم هذا التوظيف بـ10% من إجمالي القوى العاملة بالقطاع الخاص.
لكن أن يلجأ أصحاب النفوس الضعيفة، إلى استغلال وقت إجازة الصيف في رفع الأسعار على المواطنين، خاصة مع قدوم كل إجازة صيف، وأعياد، وربيع، تتكرر مشكلة السياحة لدينا، وتتحوّل السياحة إلى جشع ومبالغة في الأسعار، وإلى مستويات غير مقبولة في النظافة، والتنظيم سواء في الفنادق أو المطاعم، فالمساجد ودورات المياه غير نظيفة، خاصة في المحطات واستراحات الطرق فهي مخجلة بالنسبة لبلد له مكانته، ولديه إمكانات هائلة، والمؤسف أن الجهات المعنية، لم تحرك ساكناً طيلة هذه السنوات، ولم تتخذ قراراً حيالها.
كل يوم تطالعنا الصحف المحلية، عن ارتفاع في أسعار الشقق المفروشة، والفنادق، والمطاعم والنقل العام، والخاص، ونقص في الخدمات العامة، وإن وجدت تلك الخدمات فهي تفتقر للصيانة والنظافة، ووسائل السلامة، وأيضاً لا وجود لأماكن ترفيه، وإن وجد القليل منها فهو بثمن باهظ فالأسعار مبالغ بها، ومن يدير هذه الخدمات السياحية هم أجانب، لا رقيب عليهم، ويضعوا السعر الذي يرضي جيوبهم، والتجار لهم خانعون، والرقابة ضائعة، والمواطن هو الضحية، والجهات المعنية لها مصالحها الخاصة، المهم كيف يكسبون، ويستغل السياح، فغياب الاستفادة من الموسم السياحي يلحق خسائر اقتصادية أليمة.
ولهذا فإننا نتمنى، أن يكون هناك إستراتيجية بعيدة المدى، لتوطين صناعة السياحة المتكاملة والاهتمام بالبيئة السياحية، تأهيلاً وتدريباً، فلدينا نقاط جذب إستراتيجية، تحتاج وجود بنية وبيئة وتقاليد سياحية صارمة، وبخاصة في مكة والمدينة والأماكن التاريخية، بحيث يكون الانضباط مركزها الأساسي، وتكون ملامحها العامة، تقديم قيمة وخدمة نوعية، ذات تأثير كبير على القادمين لهاتين المدينتين، وتعكس جوهر حضارتنا العربية والإسلامية، وهذا يتطلب وجود شركات وتكتلات لقطاع السياحة تشمل جميع المرافق، والخدمات، والأجور، وثقافة السياحة.
والمؤمل أيضاً خلق بيئة سياحية حديثة، عن طريق التعريف بالسياحة الداخلية، والدعاية لها والقضاء على عشوائية، وفوضى غلاء الأسعار، وتحديد أسعار معقولة للشقق والفنادق، والمطاعم والخدمات العامة والخاصة، وتخفيف الأسعار عن كاهل المواطن، وإيجاد مكاتب للإرشاد السياحي وعمل أماكن مخصصة للشباب، وإعطاؤهم الفرصة لالتحاق بالأعمال السياحية، والتدرب عليها ونعتقد أن وجود معهد سعودي للسياحة، سيكون له طيب الأثر مستقبلاً، ويساعد في الحد من البطالة، وتتحوّل السياحة إلى قطاع منتج يخدم مصلحة الوطن والمواطن.
Ahmed9674@hotmail.comمستشار مالي - عضو جمعية الاقتصاد السعودية