الفيروس الأول الذي يمكن أن يصيب التعليم هو “الفيروس البنكي”، ومن أعراض الإصابة بهذا الفيروس أن تجد المعلمين يودعون طوال العام في ذاكرة الطالب رصيداً هائلاً من المعلومات المتفرِّقة التي لا معنى لها ولا فائدة تُرجى للطالب منها. هنا تلعب (ورقة الاختبار) دور (بطاقة الصراف الآلي) التي بواسطتها نستخرج من ذاكرة الطالب ما نريد من رصيده المعرفي الضخم المحفوظ صماً.
أما الفيروس التعليمي الثاني فهو “الفيروس الكربوني”، ومن أعراض إصابة التعليم بهذا الفيروس أن يصبح جميع طلاب المدرسة نسخاً كربونية متطابقة، فلا مجال للاعتراف بفردانية الطالب، بل يتم تذويبه في ثقافة المجموع، منكرين حقه في الحصول على التعليم الذي يحترم فرديته واستقلاليته ويراعي قدراته وظروفه الخاصة التي تميّزه عن غيره، التعليم المصاب بالفيروس الكربوني يضع جميع الطلاب على نفس المسار التعليمي، ويطالبهم بأن يقطعوا نفس المسافة في نفس الزمن دونما مراعاة لما بينهم من فروق طبيعية.
وأما الفيروس الثالث الذي يمكن أن يصيب التعليم فهو “فيروس الشكل”، ومن أعراض إصابة التعليم بهذا الفيروس أن تسيطر على التعليم المظاهر والشعارات البرَّاقة الخادعة على حساب المضمون الحقيقي للتعليم، وأن يتم تضخيم جهاز التعليم بوحدات إدارية ووظائف عليا عديدة بمسميات رنَّانة، عندئذ يتوهم الناس أن تطويراً تعليمياً قد تحقَّق، ليتحوّل مشروع تطوير التعليم في النهاية إلى مجرد ورقة يلعب بها بعض المحسوبين على التعليم الباحثين عن مجد شخصي.
بقي أن نذكر أن العالم اكتشف اللقاحات المضادة لهذه الفيروسات التي تفتك بتعليمنا (العربي).
أستاذ التربية بجامعة الملك سعود