استوقف نظري المنشور في صفحة ورّاق الجزيرة بالعدد (14871) وتاريخ 7/ 8/ 1434هـ بعنوان (الملك سعود: كل خصومة تحل بالشرع) بقلم محمد بن عبدالعزيز بن نوفل استهله بما نصه: (اطلعت على وثيقة للملك سعود - رحمه الله - حينما كان ولياً للعهد في 19/ 8/ 1365هـ، وفي هذه الوثيقة رسالة من جلالته للجد محمد بن فاهد بن نوفل (أمير السر آنذاك) مع نشر تلك الوثيقة إلى جانب مقاله.
فقرأته عدة مرات لمحاولة استخلاص ما يرنو إليه كاتبه لكونه لم يأت بجديد، إذ إن القرآن الكريم والسنة النبوية هما دستور دولتنا الرشيدة منذ توحيد البلاد على يد المؤسس الملك عبدالعزيز - طيب الله ثراه -.
وحيث إن معلوماته التي أشار إليها في السياق لا ترقى إلى الصحة لهذه الأسباب:
أولاً: في البداية أود أن أوضح اسم أمير الفيضة آنذاك الذي يقصده الكاتب طبقاً لما أوضحه علامة الجزيرة الشيخ حمد الجاسر في كتابه (بلدة البرود.. موقعاً، وتاريخاً، وسكاناً) ص97 بأنه محمد بن عبدالله بن بداح بن إبراهيم بن نوفل، ومن هنا يتضح أنه ليس جداً للكاتب كما يقول.
ثانياً: أشار الكاتب أن محمد بن عبدالله بن نوفل كان أمير السر آنذاك وهذا غير صحيح، بل منافٍ للحقيقة ومخالف للوثيقة المنشورة التي تنص على أنه (أمير الفيضة).
فلماذا محاولة الالتفاف على حقائق التاريخ رغم وضوحها؟ ثم ألا يعلم أن (السر) يشمل بلدة البرود والفيضة وساجر وعين الصوينع وعين القنور وجفن والسكران وغيرها!! فكيف كان ابن نوفل آنذاك أميراً على تلك البلدان عام 1365هـ؟، وكان الأجدر بالكاتب إثراء القارئ بالأدلة القاطعة فإذا لم يكن في مقدوره فإنني أتشرف بإيضاحها للقراء خلال النقاط التالية:
1- يقول علاّمة الجزيرة العربية في كتابه السالف الذكر ص(181) ما نصه: أما بلدة (الفيضة) فقد أسسها فاهد بن نوفل سنة 1263هـ، وكانت من القرى التابعة لبلدة (البرود) كما هو واضح في وثيقة الإمام فيصل بن تركي، ونصها (من فيصل بن تركي إلى الإخوان من كافة أهل الفيضة سلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد من قبل جهادكم يتبع لابن ناهض فما طالكم من الجهاد نظّموه إن شاء الله معه، بالكم توقفون فتعود المضرة عليكم)، 29/ 6/ 1275هـ، ص(458) في نفس الكتاب.
2- وثيقة الإمام عبدالله بن فيصل بن تركي وهذا نصّها (من عبدالله بن فيصل إلى من يراه من نوابنا، سلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد أمضينا زكاة الفيضة لخادمنا عبدالعزيز بن ناهض فلا يعارضه في زكاتها أحد وهي تبع لقصرهم حتى يكون معلوم) 21/ 10/ 1282هـ، ص(459) من ذات الكتاب.
3- وثيقة موحّد الجزيرة الملك عبدالعزيز - رحمه الله - ونصّها (من عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل فيصل إلى من يراه السلام وبعد من طرف البرود أمضينا لمحمد بن ناهض زكاته وجهاده وما ينوبه يكون معلوم والسلام) 1/ 5/ 1322هـ، ص(460) في نفس المرجع.
4- تم عزل أمير (الفيضة) في 7/ 1/ 1359هـ عن إمارتها كما هو واضح في خطاب المؤسس الملك عبدالعزيز - رحمه الله - حسب الوثيقة، وإليكم نصها (من عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل فيصل إلى كافة أهل الفيضة السلام عليكم ورحمة الله وبركاته بعد ذلك من قبل أميركم رجال يحب الحركة وعدم السكون وبموجب ذلك عزلناه عن إمارتكم وأنتم شوفو لكم أمير غيره عرّفونا به ونلزمه بامارتكم) 7/ 1/ 1359هـ.
5- وبموجب توجيهه الكريم اختار أهل (الفيضة) أميراً لهم، ثم وجّه - رحمه الله - خطاباً لأميرهم، هذا نصه (من عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل فيصل إلى جناب المكرم محمد بن عبدالله بن نوفل السلام عليكم ورحمة الله وبركاته بعد ذلك كل جماعتك طايح نظرهم عليك تصير أمير لهم فأنت إن شاء الله تلتزم بذلك والذي أوصيك به ونفسي تقوى الله تعالى وطاعته وحسن السيرة بين جماعتك بالعدالة وعدم الهوى أو التعدي على أحد وترجيع كل أمر إلى حكم الشرع) 18/ 4/ 1359هـ.
6- لم يلبث طويلاً بعد اختياره حتى تنحّى هو الآخر، فتعاقب على إمارتها بالتعيين عشرات السنين أمراء من غير أهلها وهم: المسعري، فهد العرفج، عبدالعزيز العرفج، القريني، ابن معمر، بعد ذلك تم تكليف الغبيوي ثم الجرباء وهما من منسوبي محافظة الدوادمي وحتى عام 1415هـ عندئذ تعيّن رئيس مركز الفيضة الحالي ولا يزال.
7- وبعد إيراد تلك الحقائق المدعّمة بالوثائق أسأل الكاتب القدير: متى كان محمد بن فاهد بن نوفل (أميراً للسر)؟؟ متطلعاً إلى الرد المسنود بالأدلة التاريخية الدامغة وليس الكلام المرسل الذي لا يُعتدّ به ولاسيما في مثل هذه الأمور.
إبراهيم بن عبدالعزيز بن ناهض - الدوادمي