حملة تصحيح أوضاع المخالفين التي تقودها وزارة العمل منذ أكثر من 3 أشهر وتم تمديدها هذا الأسبوع حتى نهاية العام الهجري الحالي تؤكد بأن هناك رغبة جادة من قبل الجهات المعنية لتصحيح سوق العمل الحالي الذي يعد من أكبر أسواق العمالة.....
..... الوافدة في الشرق الأوسط، إذ يقدر حجم هذا السوق بأكثر من 8 ملايين شخص موجودين في سوق العمل بعضهم بصفة نظامية والبعض الآخر بصفة غير نظامية.
والتوجيه الملكي الكريم الذي صدر مؤخراً بخصوص تمديد مهلة التصحيح يؤكد بما لا يدع مجالاً للشك أن الهدف الأساسي من هذه الحملة ليس كما أشيع بأنه للتضييق على رجال الأعمال أو العمالة الوافدة بل إن الهدف هو إعطاء فرصة حقيقية لتصحيح أوضاع المخالفين لنظام العمل والإقامة، وقد أوضح التوجيه الملكي الكريم أن السبب في تمديد تلك المهلة كان بناءً على ما رفعته الوزارات (الخارجية، والداخلية، والعمل) والمتضمن وجود تعاون تام واستجابة سريعة من المواطنين والمقيمين وقطاع الأعمال مما أدى إلى تصحيح أوضاع أعداد كبيرة من المخالفين خلال الفترة الماضية.
غير أن الضغط الشديد الذي واجهته تلك الجهات، وما نتج عنه من طوابير طويلة من الراغبين في تصحيح أوضاعهم، إضافة إلى ضرورة استكمال الإجراءات النظامية التي تحتاج إلى وقت وما يرتبط بها من إجراءات أخرى جعل القيادة الرشيدة تقدر هذا التوجه وتمدد تلك المهلة حتى نهاية العام الهجري الحالي فلها كل الشكر والتقدير على هذه الخطوة الكريمة التي ستساهم في تصحيح وضع سوق العمل الحالي مستقبلاً.
إن ما لمسته الجهات المعنية من جدية ورغبة في تصحيح الأوضاع لم يأت من فراغ بل جاء بعد أن سبقه مباشرة الجهات المختصة لحملات أمنية ونظامية لضبط المخالفين لنظام العمل والإقامة في كافة مناطق المملكة الأمر الذي لم تعهده تلك العمالة المخالفة والتي كانت تدخل إلى الوطن بطرق غير نظامية وبمسميات مختلفة ومن خلال تجار التأشيرات أو غيرها من الوسائل المخالفة، وعدم وجود مثل تلك الحملات النظامية التفتيشية الجادة ساهم بشكل كبير في زيادة تدفق مثل هذه العمالة ووصولها إلى هذا العدد الكبير الذي لم يكن يمكن بحال من الأحوال أن يتم تصحيح أوضاعه خلال ثلاثة أشهر.
أن تأتي متأخراً خير من أن لا تأتي أبداً وهذا ما ينطبق على هذه الحملة التي تشترك فيها ثلاث وزارات في وقت واحد وهي (وزارة الخارجية، وزارة الداخلية، ووزارة العمل)، غير أن الحملة يجب أن لا تقتصر على تصحيح أوضاع المخالفين فقط بل يجب أن تشمل أيضاً تصحيح أوضاع الثغرات والسلبيات التي كانت موجودة في الأنظمة السابقة وخصوصاً نظام الكفيل الذي ساهم في وجود سوق سوداء للعمالة أدى إلى انتشارها في كافة مناطق المملكة مشكلة في بعض المناطق مافيا تهدد أي صاحب مشروع من الدخول إلى أي نشاط تجاري تكون مستحوذة عليه.
لقد قامت العمالة الوافدة وبما فيها غير النظامية بدور مشهود في تنمية الاقتصاد الوطني وعملت في مجالات عدة لم نتمكن حتى اليوم أن نوفر فيها عمالة وطنية مدربة ومؤهلة، كما قدم الكثير منهم خبرته وأمضى زهرة شبابه في هذا الوطن، فلا يمكن أن نلقي باللوم فقط على تلك العمالة التي جاءت إلى الوطن وتحملت الغربة وعملت لساعات طويلة وصبرت على الكثير من الظروف الصعبة في سبيل لقمة العيش مستفيدة من ضعف بعض الأنظمة الموجودة ووجود بعض ضعاف النفوس الذين كانوا يعملون على جباية الأموال من هؤلاء ليتستروا عليهم مقابل ما يجنونه منهم من مال في نهاية كل شهر.
إنها فرصة ذهبية يجب أن لا نفرط فيها وأن نتعامل معها بكل جدية واهتمام وأن نواصل العمل في هذه الحملة لتصحيح أخطاء عشرات السنين من الفوضى والإهمال في أوضاع العمالة الوافدة مما ساهم في وجود تركيبة عمالية غير منطقية تمثل العمالة الوافدة أكثر من ثلثها أدى إلى وجود أبعاد سلبية على عدد من النواحي الاجتماعية والاقتصادية والمنية.