في المقالة السابقة كنا قد تناولنا ما تناوله الدكتور جاسر الحربش عن العلماء والمفكرين والمخترعين العرب الذين احتضنهم الغرب ووفَّر لهم سبل البحث والتطبيق. وسأل الدكتور الحربش القراء: هل تعرفون العالم السعودي العالمي نايف الروضان؟ وذلك في سبيل التفاخر فيه، هو وزملاؤه العلماء والمفكرون السعوديون الذين تفوق بعضهم على علماء الغرب مثل الدكتورة خوله الكريع والدكتور فوزان الكريع. وبالمناسبة فإن الثلاثة من منطقة الجوف. وكذلك تناول العلماء العرب الذين أحتضنهم الغرب، وبالطبع حينما سأل الدكتور الحربش هذا البرفسور الروضان كان أول من أجابه مقالتي المنشورة يوم الخميس الفائت، وذلك بالقول «نعم نعرفه» بل ويعرفه أبسط مزارع في ديرته الجوف مثلما يعرفه أبسط راعي إبل في صحراء الجوف أيضاً. ولأننا نعرف جيداً أنه لا يحب الإعلام والإعلان فلن نتحدث عن سيرته الشخصية بقدر ما تحدث عن سيرته العلمية. الدكتور الحربش كفى ووفى. واستطراداً ومحاكاة لمقالة الدكتور العزيز الحربش، ضربنا في المقالة السابقة مثالاً لما يعيق استرداد العقول العربية المهاجرة والتي أولى شروطها الحرية، حرية البحث والأمان وتوفير المناخ العلمي والمادي الملائم لإنجاز بحوثهم وتطبيقها على أرض الواقع مما يفيد أمتهم وبلادهم. ولعلنا نضرب مثالاً آخر على طريقة تعامل حكومات بلادهم معهم، ولعل القليل منا يتذكر العالم المصري الشهير فاروق الباز الذي خطط للاستكشاف العلمي للقمر كاختيار مواقع الهبوط لمركبة «أبولو11» على سطح القمر أواخر الستينيات الميلادية. ولعل بعض القراء لا يعرف وصيته لرواد الفضاء باعتباره أستاذهم، إذ قال لهم «أرجو من أول واحد فيكم يهبط على سطح القمر أن يرسل لوكالة «ناسا» ولي شخصياً النص الآتي «قل هو الله أحد، الله الصمد، لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفوا أحد»، وبالطبع كان النص هو الآية الكريمة التي أرسلها الرواد من على سطح القمر، ولأن مستقبل الإرسال لم يفهم ما قاله الرواد فقد أخبر الوكالة «ناسا» أن هناك مشكلة في لغة الرواد فقد أرسلوا نصاً لم أفهمه، إذ ذاك ضحك العالم المصري فاروق الباز وقال لمستقبل الإرسال وخبراء الوكالة «أبداً أبداً ليست هناك مشكلة في لغة الرواد، فما قالوه هو آية من القرآن الكريم أنا أوصيتهم بإرسالها». وحينما لمع اسم العالم المصري في العالم، ضج الإعلام المصري ابتهاجاً وغيرة ووطنية مع «قليل من الجهل» مطالبين عالم الضاء المصري الأصل أن يأتي لخدمة بلاده مصر، ولأن الشعب المصري أكثر شعوب الأرض وطنية فقد جاء الباز إلى مصر ولكنه لم يجد الوسائل التي تخدم بحوثه فعاد إلى أمريكا وهو يهتف «بحبك يا مصر».