الجزيرة - أ ف ب:
تنطلق اليوم في واشنطن المفاوضات بين الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي حول اتفاق للتبادل الحر في أجواء مثقلة بالمعلومات التي كشفها المستشار السابق لدى الاستخبارات الأمريكية إدوارد سنودن حول عمليات تجسس أمريكية، ومطالبة فرنسا بشأن الاستثناء الثقافي. وسيجري الممثل الأمريكي للتجارة مايكل فرومان وكبير المفاوضين الأوروبيين اغناسيو غارسيا بيرسيرو هذا الأسبوع الأول من المفاوضات ويطلقون بذلك رسميا العملية التي تهدف إلى إنشاء واحدة من مناطق التبادل الحر الكبرى في العالم، تضم 820 مليون نسمة. والاتفاق بين ضفتي الأطلسي حول التجارة والاستثمار الذي يؤكد المروجون له أنه سيسرع النمو والوظائف، ما زال بعيدا لكنه شهد بعض التطورات. ففي ختام معركة كثيفة حصلت فرنسا منتصف يونيو على استثناء القطاع السمعي البصري من المفاوضات بعد اختبار قوة مع المفوضية الأوروبية، مع أنها مكلفة التفاوض مع الأمريكيين. لكن العملية اهتزت فعلا بعد كشف المستشار السابق لدى الاستخبارات الأمريكية إدوارد سنودن عن تجسس تقوم به الولايات المتحدة على الأوروبيين. فبعد عاصفة كبيرة، هددت باريس بتعليق المفاوضات «مؤقتا» قبل أن توافق على حل دعت إليه برلين ويقضي ببدء المفاوضات، ولكن في الوقت نفسه طلب «توضيحات» من واشنطن. وقد أعلن رئيس المفوضية الأوروبية جوزيه مانويل باروزو الأربعاء في برلين أن المفاوضات بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي حول اتفاق للتبادل الحر ستبدأ في الثامن من يوليو، لكن في المقابل ستقوم مجموعات عمل بتوضيح حجم التجسس الذي قام به الأمريكيون. وقال باروزو في برلين في ختام لقاء مع 18 رئيس دولة وحكومة في الاتحاد الأوروبي وبعد خلاف بين باريس وبرلين بشأن المسار المفترض اتباعه «اتفقنا اليوم على الأمر التالي: نؤمن بالعلاقة عبر الأطلسي، لكننا نريد في الوقت نفسه مجموعات عمل» تقوم بتحليل انعكاس عمليات التجسس الأمريكية. كما أعلن الرئيس فرنسوا هولاند أنه «لا يمكن أن تبدأ مفاوضات تجارية من دون أن تبدأ في الوقت نفسه محادثات مع الولايات المتحدة حول نشاط أجهزة الاستخبارات في دولنا وحماية المعلومات الشخصية».
وقال أيضا إن هذا الموقف «هو تسوية»، «لكنها التسوية الصائبة». والسؤال الذي ينقسم حوله الخبراء هو هل ستؤثر هذه القضية على تتمة المفاوضات؟ وقال جوشوا ميلتسر الخبير في معهد بروكينغز إن «حكومات الاتحاد الأوروبي يجب أن تظهر أنها تعترض قليلا على الولايات المتحدة لكن بدون أن يؤثر ذلك على الاتفاق على الأمد البعيد». من جهته، قال غاري هوفبوير الباحث في معهد بترسن إنه يتوقع «خلافات كبيرة» حول نقل المعطيات الشخصية وخصوصا المصرفية منها. وأضاف إن «هذه القضية يمكن أن تؤدي إلى ظهور حواجز جديدة».
كل هذا مع أن هدف المفاوضات هو إزالة القيود التي تمنع المبادلات بين أكبر اقتصاد في العالم وشريكها التجاري الرئيسي. ولا تطرح الحواجز الجمركية فعليا مشكلة، فهي ضعيفة جدا على جانبي الأطلسي ونسبته أقل من 3 بالمائة ويلقى إلغاؤها توافقا على الرغم من القطاعات المحمية. ففي الولايات المتحدة يمكن أن تصل الرسوم الجمركية على الأحذية نسبة 50 بالمائة. ويفترض أن تتركز المحادثات على الحواجز التنظيمية أي المعايير التي تحددها السلطات لبيع أي سلعة (أدوية وسيارات...) على أراضيها. وقال هوفبوير إن «هذا ما يمكن أن يحدث الفرق فعلا، من المكلف جدا على شركة أن تمتثل لقواعد دولة أخرى ويمكن أن يؤدي ذلك إلى خفض التجارة».
وقد تكون بعض القضايا قابلة للانفجار، فالدول الـ(28) لن تتخلى بسهولة على الأرجح عن معاييرها لصحة النباتات ومبدأ الوقاية الذي تتمسك به لتبرير منع السلع الأمريكية المعدلة جينيا. أما الولايات المتحدة فيمكن أن تصر على عدد من قوانينها التي تنص على أن تقتصر بعض الأسواق العامة على الشركة الأمريكية الصغيرة والمتوسطة، على حساب الشركات الأجنبية. وقال سكوت بول رئيس تحالف الصناعيين أكبر مجموعة للدفاع عن المصالح الصناعية للولايات المتحدة «نحن قلقون جدا من رغبة الاتحاد الأوروبي فتح الأسواق العامة للولايات والبلديات للمنافسة».