إذا أردنا أن نعرف بشاشة الوجه وطيبة القلب والسماحة والندى، التي تفاخر بها العرب، وحث عليها الإسلام، سنراها متمثلة في طيب الذكر الأخ أبي رياض عبد العزيز بن محمد السليمان القاضي - رحمه الله - الذي وافته المنية قبل أيام، ولا نقول إلا ما يُرضي ربنا، وإنا لله وإنا إليه راجعون، ولعلنا بقولنا إياها، والصبر على المصاب ننال - بإذن الله - ثناء الله سبحانه وتعالى على من صبر وقالها {أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ} الآية.
عرفتُ أبا رياض القاضي قريباً وأصلاً، يسأل عن البعيد والقريب، ويصلهم بزياراته، ويدعم المحتاج منهم، لا يفرق في ذلك بين أحد، ومن لم يشمله بعطائه المادي كانت بشاشته واستقباله يشعران القادم إليه بأنه هو المحبوب عنده، ولا أحد غيره. لم تفارقه تلك البسمة والبشاشة والوصل والزيارة حتى في أواخر سني حياته حين كان يغالب تعبه وإجهاده ليزور المريض، ويهنئ في العرس، ويستقبل ضيوفه في الدمام وعنيزة في جلساتٍ شبه يومية، يجتمع فيها الأقارب والأصحاب معه ومع أولاده الأعزاء الذين أخذوا من منهجه هذا الشيء الكثير.
عرفت أبا رياض أيضاً رجل أعمال يسافر هنا وهناك لإنشاء تجارته، لكن سفره التجاري هذا كان يصحبه فيه حبه لعمل الخير والإحسان إلى الفقراء في عدد من بلدان العالم التي يزورها تاجراً؛ إذ كان يخلف فيها أعمالاً خيرية. كان فهمه لدور رجل الأعمال أنه مسؤول عن دعم إخوانه المسلمين في الأماكن المحتاجة؛ ولذلك قام - رحمه الله - ببناء أعداد من الجوامع الكبيرة في بنجلادش وألبانيا وإندونيسيا وباكستان، واستمر في رعاية تلك المشاريع الخيرية لأكثر من ثماني عشرة سنة منذ إنشائها، إضافةً إلى رعايته عدداً من المشاريع الخيرية بالمملكة، ودعمه للجمعيات الخيرية الذي يعرفه القاصي والداني، وهو منهجٌ أرى أولاده - ولله الحمد - سائرين عليه في دعم الخير ومشاريعه، وصلاح الآباء يدرك الأبناء بإذن الله.
إننا بفقد أبي رياض - رحمه الله - نعزي أنفسنا بمشاريع الخير التي أنشأها وإخوة كرام حوله وأبناء أعزاء بعده، ونحن أيضاً لن ننسى ذكره وأثره، وسنظل نذكر تلك البسمة الصادقة التي لا لم تكن تفارقه؛ لنترجمها إلى دعاءٍ لله بأن يغفر له ويكرم نزله ويسكنه الجنة، وبالدعاء يكون الوفاء. وإنا لله وإنا إليه راجعون.
- إمام وخطيب جامع السلام - المشرف العام على مركز المنار الجديد للاستشارات التربوية والتعليمية بعنيزة