|
الجزيرة - عبد الله الفهيد:
في السادسة من مساء الأمس، انتهى أبو عبد الله وعائلته من جولة في المتحف الوطني في وسط الرياض بعد أن قضى فيه أكثر من ساعتين. بدا متعبًا، لكنَّه كان سعيدًا وهو يحدثنا عن جماليَّة المكان وروعة التجربة. كنت انتظر عند نقطة النهاية في المكان، واقرأ في وجوه الزوار الإعجاب تمامًا كما قال لي أبو عبد الله. المكان الذي تحيط فيه نوافير المياه والأشجار الكثيفة، ضمن مركز الملك عبد العزيز التاريخي، ويُعدُّ بحقٍّ أحد الأعمال الخالدة التي أعادت لوسط الرياض روحها ورونقها. هنا ينطق التاريخ، ويمكن للزائر أن يعود إلى العصور التاريخيَّة السحيقة، حيث يمرُّ في البداية بنشأة الكون والانفجارات الشَّمسية، إِذْ يتابعها بالصَّوت والصورة، قبل أن يمرُّ على العصور التالية بِكلِّ معالمها، ودلالاتها. تمتدّ الجولة إلى العصور الجاهلية، حيث يعانق مسامعك صهول خيول العرب في معاركهم، قبل أن تدلف إلى أسواقهم، وتجلس تمامًا إليهم، وتستمتع إلى معلقاتهم. هنا أيضًا يعانق مسامعك في الممر المخصص لفترة النبوة وصدر الإسلام «طلع البدر علينا»، لتأخذك في طريق عبر ممر إلى حياة أهل الجزيرة العربيَّة آنذاك، ثمَّ إلى العصور التالية، حتَّى تصل إلى الدَّوْلة السعوديَّة الأولى فالثانية، ثمَّ الثالثة مع ما شهدته من نهضة. ويختم الزائر الرحلة التاريخيَّة الرائعة بمعرض الحرمَيْن الشريفَيْن بمجسماته الرائعة.
وتشير هيئة السياحة إلى أن المتحف أنشئ ليكون معلمًا وطنيًّا على مستوى المملكة وقد استقبل المتحف الوطني خلال العام الماضي أكثر من 150 ألف زائر. يحظى المتحف الوطني بالرياض باهتمام وإقبال متزايد من المهتمين والزوار بفئاتهم المختلفة، ويتزايد عدد الزوار عامًا بعد آخر بعد أن قامت الهيئة العامَّة للسياحة والآثار بزيادة التعريف به وبمحتوياته، وتنظيم عدد من الأنشطة والفعاليات المقامة فيه. ويُعدُّ المتحف الأبرز في المملكة، حيث يحتضن مبناه المميز في وسط الرياض مجموعة قيمة من المعروضات التي تتجاوز 3700 قطعة أثرية وتراثية يتم عرضها بأساليب وتجهيزات متطورة، وتشهد قاعاته معارض دائمة مما جعله المكان المفضل لزيارة سكان العاصمة وضيوفها. ويوجد بالقرب من المتحف قصر المربع الذي يُعدُّ أهم عناصر المركز من النَّاحية التاريخيَّة حيث أمر الملك عبد العزيز -رحمه الله- في أواخر عام 1355 هـ بإنشائه وانتقل الملك عبد العزيز وأسرته إليه وعاصر ديوانه مرحلة مهمة من تاريخ المملكة. كما توجد قاعة الملك عبد العزيز التذكارية التي تحوي استعراضًا لتاريخ الملك عبد العزيز وآثاره الفكريَّة وتبرز الجوانب الشخصيَّة في سريته الخاصَّة والعامَّة، ومكتبة الملك عبد العزيز العامَّة وتقع المكتبة في الجزء الجنوبي من المركز وتقدم خدماتها للرجال والنِّساء والأطفال والفئات الخاصَّة وتحتوي على قاعات لقراءة الدوريات والمراجع وقاعات قراءة الكتب وقاعة سمعية وبصرية وقاعة المخطوطات والكتب النادرة، كما تتَضمَّن المكتبة قاعة مُتعدِّدة الأغراض تخدم الأنشطة الثقافيَّة من محاضرات وندوات.
ويمثِّل قصر المصمك أحد أهم معالم مدينة الرياض، ويُعدُّ متحف المصمك التاريخي مقصدًا سياحيًّا لضيوف الدَّوْلة والسياح وزوار العاصمة وسكانها، إضافة إلى زيارات طلبة المدارس، وقد افتتح صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان بن عبد العزيز رئيس الهيئة العامَّة للسياحة والآثار في شهر محرم من العام الماضي 1433هـ، العروض المتحفية التي تَمَّ تطويرها في متحف المصمك ضمن برنامج تطوير المتاحف. واستقطب متحف المصمك التاريخي في وسط الرياض أكثر من (80) ألف زائر خلال العام الماضي 1433هـ، حيث اطلع الزوار على ما يحتويه من معروضات تاريخية وصور ومعلومات وخرائط.
الزائر للعاصمة لن تكون خياراته محدودة فيما سبق، فهناك «الدرعية التاريخيَّة» التي تحتضن حي الطريف المسجل في قائمة التراث العالمي باليونسكو، وتمثِّل الدرعية رمزًا وطنيٌّا بارزًا افي تاريخ المملكة العربيَّة السعوديَّة، فقد ارتبط ذكرها بالدَّوْلة السعودية الأولى. وتقوم الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض بالتنسيق مع الهيئة العامَّة للسياحة والآثار بتنفيذ مشروع تأهيل الدرعية التاريخيَّة ويشمل أحياء الطريف، البجيري، حي سمحان.