من له حساب في مواقع التواصل الاجتماعي، وخاصة زعيمها «تويتر» لا بد له أن يلحظ ذلك الحضور المكثف، لمختلف شرائح المجتمع، حضور المشايخ والدعاة والوعاظ، وحضور الأكاديميين اللافت، وحضور الشباب، وحضور النساء لكن الذي سيطر على ساحة هذا الموقع هو الشأن الدعوي والشأن السياسي، دون منازع، وبالفعل مثل هذه المواقع، يصدق عليها ما عرفت به من (الإعلام الجديد) أو (مواقع التواصل الاجتماعي) ثورة معلوماتية لا تبقي ولا تذر لوّاحة للخير والشر، وإن كانت للأخير هي أقرب من حبل الوريد، استطاعت هذه المواقع أن تقلب الأمور رأساً على عقب، بل استطاعت أن تطيح بأنظمة حاكمة جثمت على صدور شعوبها ردحاً من الزمن، أذاقتها صنوف العذاب، لكن هذه المواقع لم تقف عند حاجز الخير والنفع للبشرية، أراها صنو السلاح حذو القذة بالقذة، وكما أن السلاح بات يفتك بالبشرية دون تمييز، باتت مواقع التواصل الاجتماعي وخاصة «تويتر» هاجساً جديدا للدول والحكومات، طفق أصحابها يتزعمون رايات الثرثرة والغيبة والنميمة والسب والشتم للعافّين والغافلين، لا يتورع البعض ممن لا يحسن التصرف وتحت أسماء مستعارة أو حقيقية أحياناً، من نشر مقاطع إباحية وأخرى خادشة للحياء دون استحياء، بل لا يتورعون من نشر شائعات لا تصدق، تمسّ أشخاصاً بعينهم أو شخصيات أو رموز الوطن أو تخلق افتراءات وتحرشات غير مقبولة، وتخلق من الحبّة قبّة، كل ما ذكرت دعوه جانباً وليس هو من هدف كتابة هذا المقال، بقدر ما لفت نظري وغيري ممن لهم حسابات في موقع «تويتر» ونحن حاضرون ومتابعون لمجريات الأحداث بمجملها وما يعتريها من شدّ وجذب، ونرى كيف يتعامل البعض من مرتادي هذا السوق الحر الذي هو أشبه بمواقع الحراجات الشعبية، يصح أن نطلق على هؤلاء بالثرثارين المهرجين المثيرين المحرضين الذين يطلقون الكذبة، ويصدقونها، ويتبعهم مريدوهم من الرعاع والدهماء بالتصفيق والتصديق، وأيضاً دعوا ذلك جانباً، وتعالوا نركز على موضوع هذا المقال الأساس الذي أعتبره، إشكالية، حاضرة في مواقع التواصل الاجتماعي وخاصة «تويتر» يعاني منها الوطن، إنها قضية التأليب عليه ومحاولة العبث في سفينة المجتمع السعودي المحافظ، حقيقة لا تقبل الجدل، المملكة العربية السعودية، وطن كبير، بمقوماته، ومقدراته، وطن ولا كل الأوطان، وطن انطلقت منه الرسالة المحمدية التي شعّ نورها في الجهات الجغرافية الأربع، وطن يحتضن أقدس بقعتين شريفتين على أره، وطن لم تطأه قدم مستعمر قط، وطن استطاع رجل مؤمن سياسي محنك أن يؤسسه ويوحد أطرافه على منهج رباني قلّ نظيره في هذا العالم المضطرب، حتى اعتبره التاريخ أسطورة غير مسبوقة، وطن هو كذلك، مساحة كبيرة، تسع الجميع، غير أنها لا تقبل بالمتلون والمنافق والمثير والمحرض وصاحب التوجهات الخسيسة، كل هؤلاء وفئاتهم المنتمية لهم يصطدمون بحاجزه المتين، الكل يرى محاولاتهم في «تويتر» اليائسة والبائسة لجرّ الوطن إلى بؤر الفتن والثورات، تحت مظلة المطالبة بالحقوق، وكيف ينتقدون الحكومة على الملأ ويتركون القنوات المشروعة، يحاكون بأفعالهم المشينة، تلك الثورات التي سميت زوراً وبهتاناً بالربيع العربي، وهي لا تعدو خريفاً أسقط الضحايا من الأبرياء ودمر البنى التحتية لهذه الدول، التي مر عليها ودمرها تدميرا، وأعادها مئات السنين إلى الوراء، ثرثارون ومهرجون ومحرضون ومثيرون، يحلمون أن تتحقق مطالبهم المقلوبة، والتي لا تعدو كحلم الضبعة، ولن تتحقق مساعيهم المريبة التي تكشفها أقلامهم الرمادية في «تويتر» إلا إذا ولج الجمل في سمّ الخياط! وسمّ الخياط هذا، هو ثقب الإبرة العلوي، الذي هو من أضيق الأشياء، والجمل هو البعير، أكبر الحيوانات جسماً، وهذا من باب تعليق الشيء بالمحال، متحررون من الأخلاق والأمانة والوطنية، ومتشددون، كالخوارج، حاضرون في «تويتر» يبثون سمومهم، كالأفاعي، لا تكاد أن تجد لهم، مقالة أو تغريدة، تدعو للحفاظ على تراب الوطن، أو دعوة صادقة لولي الأمر، فتشوا عن هؤلاء الدعاة، الذين يجوبون الديار، ويلمعون أنفسهم، ويسبكون الدعايات لهم ومعهم إخوانهم من المتحررين، تشعر من خلال تغريداتهم المريضة بخلوهم من الولاء لوطنهم والذب عنه، البعض منهم جعل من الموقوفين ومن المرأة شمّاعة يعلق عليها ألوان حقده على وطنه ومجتمعه، لا يرقب فيهما إلا ولا ذمة، لندع تلك الأبواق التي تغرد من خارج السرب، هذه حكمت على نفسها بنفسها، لكنك تتعجب من أخلاق وسلوكيات النوعية التي حولك ومعك، تقول في نفسك من أين جاء هؤلاء؟ وكيف غسلت أدمغتهم؟ حتى قلبوا ظهر المجن على من عاشوا وترعرعوا على ترابه الطاهر، الغيورون على هذا الوطن الغالي والمخلصون له، يتعجبون من تصرفات هؤلاء، التي لا تخدم غير العدو المتربص، حمى الله هذه البلاد، وشعبها، وقادتها الشرفاء، من كيد الكائدين، وعبث الجهلة العابثين من المتحررين والمتشددين... ودمتم بخير.
dr-al-jwair@hotmail.com