القرآن عندما يتحدث عن طاغية هلك لايريد منا أن نقف عند خبر مضى أو قصة سلفت، ولكنه يريد أن نربط الحاضر بالماضي حيث التأريخ يعيد نفسه، كان فرعون قبل قرون مضت في زمن موسى وها هو يظهر في هذه الأمة.. فرعون المصري كان يملك قوة وقدرة استخباراتيه لمتابعة كل من يحاول نقد نظامه فضلاً عن الخروج عليه، فإذا أحس بناقد أو معارض حتى ولو كان مسالماً قام بتصفيته؛ وكذلك طاغية الشام وأبوه يملكان قوة استخباراتية يتم بها متابعة كل ناقد أو معارض ومعرفة مكانه ثم تصفيته، حتى إن إخواننا السوريين قبل الثورة لا يستطيع أحدهم أن ينقد النظام ولو كان في أقصى الشرق أو الغرب.
فرعون المصري خشي أطفال بني إسرائيل (ضعفاء شعبه) وبشار وأبوه خشيا من ذلك، وقع ما كان يخافه فرعون المصري فكانت الثورة من ضعفاء بني إسرائيل، ووقع ما كن يخافه النظام السوري من خروج ضعفاء شعبه (درعا) {وَنُرِي فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُم مَّا كَانُوا يَحْذَرُونَ} (6) سورة القصص. فرعون كان يتابع وينشر جنوده ويرسل الذباحين إلى بيوتات بني إسرائيل؛ وبشار وأبوه كانا يتابعان كل معارض فيقتلانه، فرعون المصري استذل قومه واستخف شعبه، وادعى الربوبية وأمرهم أن يعظموه ويعبدوه {مَا عَلِمْتُ لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرِي} (38) سورة القصص. وكذا فراعنة الشام فبشار استذل شعبه واستخف بأتباعه حتى قالوا (لا إله إلا بشار) وسجدوا له؛ فرعون زمن موسى معاند ومكابر مع علمه بصدق موسى، وكذا بشار معاند ومكابر.. فرعون المصري قال: {سَنُقَتِّلُ أَبْنَاءهُمْ وَنَسْتَحْيِي نِسَاءهُمْ وَإِنَّا فَوْقَهُمْ قَاهِرُونَ} (127) سورة الأعراف، وبشار قال سنقتل أبناءهم ونغتصب نساءهم وإنا فوقهم قاهرون، فكان بشار أكفر وأظلم من فرعون.. فرعون حاول بإعلامه تشويه صورة موسى فقال {إِنِّي أَخَافُ أَن يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَن يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسَادَ} (26) سورة غافر. وبشار قال عن الأحرار: (إنهم إرهابيون مفسدون).. فرعون منّ على موسى فقال له: {أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينَا وَلِيدًا وَلَبِثْتَ فِينَا مِنْ عُمُرِكَ سِنِينَ} (18) سورة الشعراء. فقال له موسى لكنك قتلت بني إسرائيل واستبعدتهم، فما فعلته معي لا يشفع لك مقابل قتلك الأنفس.. وبشار منّ على شعبه بأن دولته قدمت وقدمت، فقال له الثائرون، ولكن سيئاتك لا يكفرها عمل وما مأساة حماة عنا ببعيد، فرعون المصري قال لموسى محاولاً تشويه ثورته: {وَفَعَلْتَ فَعْلَتَكَ الَّتِي فَعَلْتَ وَأَنتَ مِنَ الْكَافِرِينَ} (19) سورة الشعراء. فقال موسى: {فَعَلْتُهَا إِذًا وَأَنَا مِنَ الضَّالِّينَ * فَفَرَرْتُ مِنكُمْ لَمَّا خِفْتُكُمْ فَوَهَبَ لِي رَبِّي حُكْمًا} (21-22) سورة الشعراء. موسى يقول الجريمة التي فعلتها كانت مني خطأ والجرائم التي فعلتها لا تعد ولا تحصى؛ وكذلك النظام السوري محاولاً تشويه الثورة بأنها السبب الأول للقتل والدمار ونسي ما فعله بحماة قبل 30 عاماً فرعون لم ينفع معه حوار أو حتى مناظرة وظل في إسرافه وغيه وظلمه، وكذلك بشار وأعوانه لم ينفع معهم منظمة دولية، ولا جاعة عربية، فرعون يرى أن موسى جبان ضعيف وهو بين جدران قصره وحرس عسكره، وكذلك بشار يدعي قوة نظامه وهو في حراسة إيرانية وقوة روسية.. فرعون يزعم أن الأصوات معه وأن الناس يحبونه {إِنَّ هَؤُلَاء لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ} (54) سورة الشعراء. كذلك بشار يرى أن الشعب معه؛ فرعون المصري يريد القضاء على موسى ودعوته خوفاً من ذهاب ملكه، وكذلك بشار يريد القضاء على الجيش الحر.. وأخيراً خرج فرعون بنفسه فكان هلاكه، وسيخرج هذا الطاغية لحتفه، قال المستضعفون: {أُوذِينَا مِن قَبْلِ أَن تَأْتِينَا وَمِن بَعْدِ مَا جِئْتَنَا} (129) سورة الأعراف.. قال لهم موسى: {عَسَى رَبُّكُمْ أَن يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الأَرْضِ فَيَنظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ} (129) سورة الأعراف. والمستضعفون في الشام قالوا: أوذينا من قبل الثورة ومن بعدها، فنقول لإخواننا في الشام: {عَسَى رَبُّكُمْ أَن يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الأَرْضِ فَيَنظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ} (129) سورة الأعراف.
وإلى اللقاء،،،
- المدير العام المساعد لفرع وزارة الشئون الإسلامية بمنطقة القصيم