«البوصلة تحتضر»
أ أظل أنظر داخلي، حيرانا
من أين ويحي أشتري النسيانا
يا بائع النسيان زرنا مرةً
والذكريات تلقَّها أثمانا
يا بائع النسيان خذها كلها
لك مربحاً لا تعطني مجانا
هبني النهار بداخلي غلب الدجى
ذاتي وأخمد تحته الألوانا
هبني البداية من جديدٍ علني
أجد الطريق وأبلغ العنوانا
أقفى أمامي للوراء وأفلتت
مني اتجاهاتي وتهت مكانا
وغياب مرتكز الوجود قضيةٌ
إني لأسأل من أنا أحيانا
ما زلت في الأيام أخسر رغبتي
وأكاد أفقد داخلي الإنسانا
تلك الأماني قد خدشت غلافها
وسلبتها إشعاعها المزدانا
يا ليتها بقيتْ حيالي فتنةً
أسعى لها ولهانَ حتى الآنا
أوَ يصبح الأمل العزيز محطةً
منسيةً تستبطن الهجرانا?!
ما قيمة الآمال حين بلوغها
تهوي وتسقط في يدي جثمانا
ذكرى النعيم أليمة وأليمةٌ
ذكرى الجحيم فما عرفتُ أمانا
قصصٌ من الماضي القديم فقدتها
مالي إذن لم أفقد الأحزانا
قصصٌ تلاشت في الخواء وخلفها
قلبٌ تهيأ للأسى ميدانا
****
ليس الجمال محل الشوق ..
هل تعلم الشمس ماذا يفعل النورُ؟
وهل درتْ بحنين النبضة الحورُ؟
أقلعتُ في فلَك التهيام منطلقاً
كما يحلِّقُ في الآفاقِ عصفورُ
أيامنا لم تعد في القرب تجمعنا
كأنما هي فيما بيننا سورُ
قد أقفرت راحتي من راحتيك فما
من لمسةٍ غضةٍ فيها تباشيرُ
ليس الجمالَ محلُّ الشوق يا وجعي
بل الملامح منها فيّ تأثيرُ
إذا تناسيتها أبصرتها عرضاً
في غمضة العين تبدو فهي تذكيرُ
بقية منك في إحساسيَ ارتسمتْ
إني عليها وإلم تجدِ مأسورُ
الشوق يعترض الأوقات مقتحماً
كأنما قاتلٌ في الأرض مأجورُ
منه الذي يستطيب السهد منفرداً
تمضي الليالي ولا يهتزّ، مغرورُ
و منه ما يستحلّ النومَ مخترقاً
ويرسم الحلم فهو الوهم والزورُ
الشوق أكثر من نوعٍ فلا تسلي
جربتها كلها ما ثَمّ موفورُ