يقول الحق سبحانه {إن خير من استأجرت القوي الأمين} صدق الله العظيم. المتتبع لسير وتجارب الناجحين في قطاعات الأعمال والحكومة في العصر الحديث يلاحظ أن الأمانة والنزاهة كانت أحد أهم مبادئ العمل التي ارتكزت عليها تجاربهم.
وكأن الأمانة والنجاح أمران متلازمان لا ينفك ولا ينفصل أحدهما عن الآخر .. وإن كان هناك ثمة نجاح مزعوم لبعض الفاسدين إلا أنه نجاح مؤقت لا يلبث أن يزول وتنكشف عوراته . يقول زيج زيجلا وجدت أن «أهم أداة للإقناع بين ترسانتك الكاملة في الإقناع هي النزاهة».في كتابه عن قوانين الكاريزما وتحقيق أقصى فرص النجاح وجد كيرت مورتينس أن الشركات الفاشلة « لا تسقط بفعل عوامل السوق الخارجية وإنما تسقط نتيجة فقدانها عوامل النزاهة من الداخل.من خلال قراءتي الشخصية للشركات الأمريكية العظمى التي سقطت إبان الركود الاقتصادي الذي عصف بالولايات المتحدة الأمريكية في العامين 2007 و 2008 وجدت أن معظمها أن لم يكن كلها قد سقطت بفعل الفساد ولم يكن سقوطها كما يدعيه بعض المراقبون نتيجة مباشرة للأزمة الاقتصادية، وإنما كانت الأزمة عبارة عن القشة التي قصمت ظهر البعير. يؤكد ذلك أن هناك شركات أخرى تصغرها عمرا وقوة وقدرة واجهت التحدي ذاته وخرجت منه سالمة بل ربما أنها حققت مكاسب من وراء الأزمة. والحقيقة التي يدركها المتتبع للتاريخ البشري أنه لم تفشل منظمة من المنظمات ولم تسقط أمة من الأمم التي سادت على مر العصور إلا وكان الفساد وتراجع مبادئ النزاهة والأمانة ظاهرة فيها. وكأن ذلك من سنن الخالق جل شأنه.لا يمكن أن تحقق المنظمة النجاح الحقيقي ولا يمكن لأي وطن أن يشعر بالأمان والاستقرار ما لم تكن مبادئ الأمانة والنزاهة الموجه الرئيس وفيصل الأداء لدى العاملين به.
عندما أراد الشعب الصيني في العصور القديمة أن يشعر بالأمان بنى سوراً عظيماً كان من الضخامة والقوة بحيث لا يمكن لأحد اختراقه أو تحطيمه أو تجاوزه والنيل من الآخرين داخله . لقد بني هذا السور بحيث يمتد لمسافة 4000 ميل ويرتفع 25 قدماً ويتراوح عرضه بين 15 و 30 قدماً. ومع هذه العظمة التي جعلته من عجائب الدنيا السبع فلم يستطع السور حماية الصينيين وتحقيق الأهداف والأمان الذي أنشئ من أجله حتى خلال القرن الأول من إنشائه . لقد كان الفساد وقلة النزاهة لحراس السور وراء فشل المشروع العظيم وعدم تحقيق الأهداف التي أنشئ من أجلها حيث كانت تتم رشوة الحراس لإدخال الأعداء.. وباختصار فإن عدم توفر مبدأ النزاهة تسبب في إفشال واحد من أكبر سبعة مشاريع في التاريخ.وحقيقة الأمر فإن التاريخ شاهد على أولئك الذين تعففوا فأصبحوا أقوياء فحققوا تقدماً ونجاحاً وإنجازاً لمنظماتهم ولأوطانهم. استغنوا عما بيد المخلوق فأغناهم الخالق. فالعفة مصدر للقوة والقناعة طريق السعادة والعزة نتاج الإيمان.
وباختصار فإن الذي أردت التذكير به هو أن فيصل النجاح وقمته وقاعدته تكمن في النزاهة والأمانة التي جعلها الحق سبحانه شطر صفات الأخيار. وقد يكون من العبث لأي مسئول تنفيذي في قطاع الأعمال أو الحكومة أن يفكر في النجاح أوفي تحقيق إنجازات نوعية أو نمو مستدام للمنظمة التي تحت يده ما لم تكن الأمانة والنزاهة قاعدة العمل وموجهه.
حفظ الله لهذا البلد الكريم أمنه وأمانه وعزته واستقراره في ظل قيادة خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين اللذين أكدا على تأصيل مبادئ الأمانة والنزاهة في أكثر من مناسبة وتم إتباع هذا القول بالعمل وتم إنشاء هيئة لمكافحة الفساد.
والله الهادي إلى سواء السبيل.
@falsultan11