لأول مرة وبمشيئة الله العزيز الحكيم الجامع المانع يتوحد العرب على صوم شهر رمضان المبارك، وهذه والله من بشائر الخير على هذه الأمة التي مزقتها الخلافات والانقلابات والحروب الأهلية والدموية التي أكلت وستأكل منهم ومن مقدراتهم الأخضر واليابس. وإن تفاؤلوا في السنوات الأخيرة بما يسمى جزافاً بالربيع العربي والذي أكمل ما حصده الدكتاتوريون الذين تربعوا على صدر هذه الأمة، وجاء -أي الربيع المزعوم- بأحزاب أشد ضراوة وقسوة على شعوبهم من أولئك الحكام الطغاة البغاة، بل أصبحوا أكثر تشبثاً بالكراسي من مخلوعيهم الذين تنطبق عليهم بحق هذه المفردة بالضبط، لاسيما إذا عرفنا أن «المخلوع» هو من أكثر الناس «عتهاً» و»خبلاً» وجنوناً. ومن لا يصدق هذا القول فلينظر إلى الخريطة العربية التي ترشح دماً وتلفظ دخاناً وسعيراً، ويعوي بها الرصاص من كل صوب ليحصد الأطفال والكهول والنساء، كما يحصد الحقول والأزهار والأماكن التاريخية والجينية بكل وحشية ضارية تستنكف منها الوحوش وكواسر الطير. وفوق هذا وذاك لا تحرك الدول الكبرى ساكناً وكأن الأمر لا يعنيها لا من قريب أو بعيد. ولهذا وكما يهتف البسطاء لا يمكننا إلا أن نهتف معهم «ما لنا غيرك يالله»، بل ما لهذه الأمة التي تأكل بعضها بعضاً إلا رب العزة جلت قدرته، فهو الرحمن الرحيم. وبمناسبة قدوم هذا الشهر الفضيل لا يسعنا إلا أن نقول اللهم احقن دم هذه الأمة الإسلامية التي توحشت وتغولت بشكل لا يطاق.
اللهم احم العرب من شر أنفسهم المستطير.
اللهم رد الظالم على كيده ونحره.
اللهم خذ الحق للضعيف من المتجبر الغاشم.
اللهم أحل السلام على هذه الأرض.
اللهم ادم الأمان والإيمان والخير لهذا الوطن العزيز. وكل رمضان وأنتم بخير.