دوماً نعود إلى ذات المشكلة في غالبية المشاريع الاستثمارية التي تكون الحكومة طرفاً فيها، أو حتى لا تكون، وهي أن الاهتمام ينصب على «كم» نحقق إيرادات، لا «كيف» نطوِّر الخدمات التي تجلب الإيرادات، ومن هنا علينا أن نعترف بأنّ المشكلة دوماً مشكلة بشرية، فرغم الجهود المشكورة، يعاني بعض المسافرين القادمين في عملية نقل أمتعته وجرجرتها لعدم وجود عربات كافية لخدمة المسافرين في ذروة موسم الصيف السياحي، وعودة المغتربين من خارج الوطن أو السفر إلى خارجه أيضاً.
إننا لا نطلب المستحيل من إخواننا في شتى مواقعهم، ولكن أدنى شروط التعامل الإنساني هو الابتسام في وجه ضيفك، لتقديم خدمة متواضعة تعادل ما يدفعه المسافر جواً أو براً من مال وجهد محسوب على سعر تذكرة السفر، فضلاً عن رجاء حار لأي موظف في المطار أو المنافذ الحدودية البرية كي «يستروا علينا ويبيضوا وجوهنا»، فلا علاقة للضيف بما نعانيه من مشاكل العمل وسوء التربية، والمطار أو المنافذ البرية هي مرآة الوطن والانطباع الأول والأخير لدى السائح والمسافر أو العابر لها. وإن كانت تجربتي الشخصية طويلة في مطاراتنا، ولكني أستطيع أن أنقلها مباشرة للمسؤولين، ولكن من سينقل وجهة نظر ملايين المسافرين عبر مطاراتنا أو منافذنا البرية، ولماذا يتسبب قلّة قليلة من الموظفين بالإساءة إلى سمعة وطننا السعودية الطيبة فضلاً عن مستقبل السياحة الوطنية التي تشكِّل نسبة لا بأس بها من الناتج المحلي في سنوات سابقة، فخلال أقل من أسبوع تابعوا ما ينشر في صفحات الصحف السعودية عن الوضع الحقيقي لمطاراتنا الداخلية والدولية!!!.
والأمر الأدهى أنّ الرحلات الجوية تأتي لبعض مطاراتنا دفعة واحدة في أحيان كثيرة، أربع أو خمس رحلات، وهي كافية لإغلاق صالات المطار (مثال على ذلك مطار الملك عبد العزيز بجدة)، ويبقى طابور المسافرين طويلاً في انتظار أمتعتهم وحقائبهم والسبب أنّ مطاراً بأكمله ليس فيه سوى حزامين اثنين لجلب الأمتعة من قسم.
الشحن الداخلي للطائرات، وليس هناك عربات تكفي لرحلة واحدة، والجمارك تطلب إدخال الحقائب كلها عبر جهازي التفتيش الوحيدين، في عملية متعبة للموظفين والمسافرين، ويزيد من تعطُّل المسافرين والمجموعات السياحية، قبل أن يتفاجأوا بعائلات المستقبلين الذين تغص بهم قاعات الاستقبال ما يعيق حركة الناس (مثال على ذلك مطار الملك خالد بالرياض).
إنّ المسوؤلين في الدولة عن المطارات وخصوصاً معالي الرئيس العام للطيران المدني يطلبون من الجميع تقديم الخدمات وتسهيل مهمات السائحين والقادمين، ولكن حقيقة الأمر عكس ذلك تماماً، لا يجد الزائر ابتسامة ترحيب، ولا قاعات تتسع لدخول هذا الكم الهائل، ولا رقابة على سائقي التكاسي العمومية، والطريق من المطار أو إليه (مثال على ذلك مطار الملك فهد بالدمام) لا زال يعاني من إعاقاته وتحويلاته وأزمته الخانقة، فلماذا هذا التقصير بواجباتهم؟!
ختاماً، نقول للأسف لا تزال الخدمات في معظم مطاراتنا الدولية والداخلية والإقليمية متواضعة بأقل من خدمات مطار صحراوي في دولة أفريقية فقيرة، والمواطن يشتكي والمسافر يشتكي وموظفون معنيون في المطار أيضاً يشتكون، فما الحل، طال عمرك معالي الرئيس العام للطيران المدني؟؟!