مما لا شك فيه أن التقنية الحديثة خدمت بني البشر في كل مجال من مجالات الحياة، ولننظر ما أحدثته ثورة المعلومات والاتصالات في عالمنا الحاضر، فقد جعلت العالم كله (قرية صغيرة) كما يقولون. ولكن ألا ترون أن لتلك الأجهزة الالكترونية والرقمية آثاراً سلبية على الإنسان وعلى أسلوب حياته المعاصرة، فإذا أخذنا مثلاً الحاسبات الرقمية الدقيقة وأجهزة الحاسب التي جعلت من العمليات الحسابية والرياضية السهلة والصعبة، جعلت منها عمليات بسيطة مضمونة النتائج بضغطة زر وفي وقت يسير، لكنها عطلت عمل العقل البشري ومحاولته التفكير والبحث والتدقيق والتمحيص.
فقد كان التلاميذ والطلاب يستخدمون أقلامهم وربما أصابعهم في حل مسائل الرياضيات ويعملون أفكارهم في البحث عن الاجابة الصحيحة لكل سؤال، كما كان المعلمون (يسهرون) الليالي لاظهار نتائج الاختبارات بعد جمع وطرح وقسمة وضرب للدرجات، وكانوا يجدون في ذلك متعة لا توصف خصوصاً بعد اعلان النتائج.
وكان الباعة والتجار يمسكون بأقلامهم ودفاترهم (لتكسير) حسابات الزبائن، وقد استغنوا عن ذلك بالآلات الحاسبة، وقد عطل (جوجل) متعة البحث والقراءة في بطون الكتب والمراجع في المكتبات.
وأما ما فعلته وسائل الاتصالات الحديثة ومواقع التواصل الاجتماعي فحدث ولا حرج، فقد قضت تلك الوسائل على أنس الاجتماعات وحلاوة اللقاء، وأذهبت رونق الشوق وحرارته بين الناس.
لقد جعلنا تلك الأجهزة - بمحض إرادتنا - تفكر عنا وتبحث عنا، بل وتكتب وتتحدث عنا، لقد سلبت عقولنا مهمة التفكير والتدقيق والبحث والتمحيص، وقد يأتي وقت لا نستطيع فيه الاستغناء عن تلك الأجهزة والحاسبات في أي عمل نقوم به ولو كان يسيراً، لقد اصبحت تلك الأجهزة تتحكم في تصرفاتنا وحياتنا الراهنة.. لأنها أصبحت جزءاً مهماً منا.
