هيئة الاتصالات الموقرة التي قامت بحجب بعض التطبيقات في الهواتف الحديثة، تنوي وبكل ثقة حجب تطبيق الواتس أب، الذي يُعَدُّ الأكثر انتشارًا على مستوى العالم، وفي السعودية تذكر الإحصائيات عن 25 مليون مستخدم لهذا التطبيق، وهؤلاء جميعهم لم تضع لهم هيئة الاتصالات أي اعتبار، فهي بدأت الحجب بذكاء، من خلال البرامج الأقل انتشارًا، مرورًا بالأكثر فالأكثر، والآن وصلت إلى الواتس أب الذي هو الأكثر استخدامًا بين الناس. إلى ذلك، تعترف هيئة الاتصالات بحسب ما نشرته بعض الصحف، أن الهدف من حجب هذه التطبيقات ليس هدفًا أمنيًا، بمعنى أن الهيئة تعترف أن الهدف مادي، وأنها تريد من الناس استخدام الرسائل المدفوعة! هذا الاعتراف بحد ذاته يحتاج إلى بحث وتنقيب من هيئة مكافحة الفساد، ويحتاج كذلك إلى زيارة كريمة من معالي رئيس الهيئة إلى مجلس الشورى لمعرفة الأسباب، على وزن استجواب الوزراء الذي يحدث في دول الجوار!
هيئة الاتصالات لم تبرر مطلقًا أسباب الحجب لهذه التطبيقات، ولم تقدم سوى بعض الأسباب الواهية، ومعروف أنه ليس من بينها أسباب أمنية، كما أن الهيئة بقراراتها التي هي ضد المستخدم تفتح علامات استفهام، ودهشة نحتاج بالفعل إلى تبيان أسباب هذه القرارات غير المدروسة والتي هي من صالح مزودي خدمة الجوال وحدهم، مع أن الهيئة من المفترض أنها معنا لمحاسبتهم وليس العكس!
كنت أشعر بالخجل وأنا أكتب لصديقاتي اللاتي يتواصلن معي من الخارج عبر تطبيق فايبر، أنه أصبح محجوبًا في السعودية، وسنشعر بالعزلة إن قامت الهيئة فعلاً بحجب واتس أب، الذي استطاع أن يضم المجموعات العائلية، والثقافية، والاقتصادية، والإعلامية، وغيرهم. ويجمع شتات الأفكار والمقترحات والتطلعات، والتواصل بين الناس في كل بقاع الأرض، هل ستجعلنا هيئة الاتصالات معزولين عن باقي دول العالم؟ هل سنضطر في كل مرة أن نُبلغ أصدقاءنا بعدم قدرتنا على التواصل معهم بسبب الحجب، ثم نسمع منهم ما يقال عن السعودية وأن هذه الممارسة هي أحد أساليب القمع، ونعود لنبرر لهم ونوضح أن الحكومة لا دخل لها، وأنها مسألة مصالح تُمارس فقط، ويروح ضحيتها الناس وجيوبهم!
بالفعل، حجب هذه التطبيقات من أكثر التصرفات التي تُسيء لصورة المملكة، في الداخل والخارج، ومن الصعب على كل شخص أن يقوم بتبرير السبب، وليس كل شخص لديه الوعي بأسباب ما يحدث، وقبل أيام كلنا رأينا ما تم تداوله عن الضحكة الشهيرة التي أطلقتها مذيعة قناة CNN الأمريكية، بسبب حجب الواتس أب في المملكة، إذ يُفترض أن تكون درسًا للهيئة التي جعلتنا أضحوكة عند الجميع!
بالمناسبة، هناك تطبيقات لا أخلاقية «مقززة» أتمنى من هيئة الاتصالات أن تلتفت لحجبها، وتبتعد عن الواتس أب وغيره من تطبيقات الفائدة!
www.salmogren.net
