|
الجزيرة - محمد السهلي:
تباينت مواقف البنوك الخليجية من استغلالية شهر رمضان، وذلك بعد زيادة الوعي بشكل بيني في هذه المجتمعات. ففي الوقت الذي أماطت البنوك الإسلامية في الكويت وعمان والإمارات عن مشاريعها الخيرية لخدمة المجتمع، لا تزال بعض البنوك القطرية تساير الموجه القديمة في تصعيد حملاتها التسويقية في شهر رمضان، وذلك بغرض تحفيز النمو في إيراداتها واستغلال روحانية الشهر في تسويق منتجاتها. ولا يعرف حتى الآن موقف البنوك السعودية من النمطين التي تم ذكرهما أعلاه وأي المنهجية التي سيتم استخدامها.
ويغلب الطابع أن تركز البنوك في منطقتنا الخليجية على منتجات بعينها بحيث تتركز الحملات الإعلانية عليها. وتعكس تلك الخطوة مدى ربحية تلك المنتجات لهذه البنوك. حيث جاءت بطاقات الإئتمان في المرتبة الأولى، تبعها القروض الشخصية فالقروض السكنية. وفي المرتبة الرابعة جاءت الإعلانات الخاصة بتحويل الأموال، ثم القروض الخاصة بالسيارات.
لعل خدمة المجتمع في هذا الشهر الفضيل كانت العنوان الأبرز من قبل البنوك الإسلامية. إلا أن النظرة اختلفت في الكويت عندما كشف بنك تقليدي عن عزمه على توزيع أكثر من 100 ألف وجبة إفطار في إطار برنامجه «افعل الخير في شهر الخير» وذلك من خلال حملات «موائد الوطني لإفطار الصائمين» حيث سيتم توزيع الوجبات في خيمة البنك الوطني. وكشف البيان الصادر من البنك عن ترتيبهم لتسيير قوافل من المتطوعين التي ستجول المناطق والمستشفيات. ولم تكن الصورة مختلفة بعمان عندما كشف بنك تقليدي هناك عن فلسفته في التفاعل مع الجمهور ومشاركته لهم في مختلف المناسبات الاجتماعية. حيث تهدف مبادرة برنامج «تضامن» الى دعم الأسر الفقيرة وذلك عبر توزيع الأجهزة الكهربائية والمنزلية على الأسر. وتعد مبادرة «تضامن» من المبادرات المهمة التي تهدف لنشر الفرحة والسرور في نفوس الأسر العمانية.
ومن إمارة الشارقة المحافظة يختار بنكها الإسلامي «الخيمة» الرمضانية كعنوان له. حيث يعتزم مصرف الشارقة الإسلامي إطلاق فعاليات / خيمة الشارقة الإسلامي الرمضانية / التي تتضمن فقرات توعوية وفكرية وترفيهية يحييها مجموعة من الشخصيات والمتخصصين في مجالات مؤسسية ومجتمعية.
وقال حسن البلغوني مدير إدارة العلاقات العامة وخدمة المجتمع رئيس اللجنة المنظمة لفعاليات الخيمة الرمضانية لمصرف الشارقة الإسلامي بالنظر إلى النجاح اللافت الذي رافق إقامة الخيام الرمضانية السابقة وما شملته من برامج وفعاليات ومحاضرات حرص المصرف على تلبية متطلبات ومقترحات واهتمامات جميع الضيوف في خيمته السابعة إضافة للمميزات التي تضمها الخيمة الرمضانية من عوامل الراحة والاستيعاب والضيافة.
ومن السلطنة ينفرد بنك إسلامي بمبادرة شابة تتوافق مع حيوية البنك الذي ظهر على الوجود قبل أقل من سنة. حيث يعتزم بنك العزّ الإسلامي بالتعاون مع أشهر صفحات انستجرام في السلطنة igersoman إطلاق مسابقة تصوير مبتكرة تحت عنوان (تأمّلات في نفحات رمضان) تمتد خلال أيام وليالي شهر رمضان المبارك.
وتهدف المسابقة إلى تشجيع أكبر عدد من مستخدمي انستجرام لإطلاق العنان لمخيّلتهم وإبداعاتهم بالتقاط الصور التي تعبّر عن روحانيات الشهر الكريم، وإتاحة الفرصة لهم لمشاركتها في الموقع للحصول على جهاز آيباد ميني أسبوعياً.
البطاقة المقدسة
ولا يعرف اذا ما كانت البطاقات الائتمانية التي تحمل أسماء مقدسة إسلامية ستعاود الظهور او لا. حيث تحمل هذه البطاقات اسم وصورة الحرم المكي الشريف. و تقوم بعض إدارات التسويق بهذه البنوك بتخطيط حملتهم الإعلانية بحيث يتم نشر ووضع صورة المسجد الحرم على البطاقات الائتمانية وذلك على نطاق تسويق تجاري. حيث يرى بعض الفقهاء ان هذا العمل هو محل نظر شرعي و أن الظاهر في هذا الأمر هو عدم جوازها.
بعض البنوك الخليجية أصبحت تدخل في تحالفات مع شركات الطيران بحيث أن العملاء الذين يستخدمون بكثرة بطاقة «مكة الائتمانية»،يستطيعون في نهاية المطاف أن يجمعوا في نهاية الأمر ما يكفي من «الخطوات» في الرحلات الجوية تقربهم من زيارة بيت الله الحرام في مكة. إلا أن المفاجأة في الأمر أن العميل لا يستطيع استخدام هذه الخطوات لتأدية فريضة الحج، بحسب ما استنتجه مراسل وكالة «الأسوشيتد برس» الأمريكية.
قد تكون هذه الحملات التسويقية غير ممنوعة من الناحية القانونية. إلا أنها مثيرة للشك والتساؤل من الناحية الأخلاقية . فقدسية السفر الى مكة تحولت الى أداة في يد بعض البنوك لإقناع المؤمنين بالمشاركة في أنشطتها المصرفية. ويتساءل البعض عن من سيضع الخط حول ما يعد منافسة عادلة وبين استغلالية الدين.
الغرب يتذمر
قد يعتقد البعض ان ظاهرة استغلال المشاعر الدينية شيء جديد على الصرافة الاسلامية. إلا أن هذه الظاهرة بدأت في البروز على سطح المصرفية التقليدية مع مطلع التسعينات. ويبدوا أن المصرفية الاسلامية قد استوردت بعض مدراء التسويق الذين تشربوا من هذه الظاهرة عند الغرب. يقول ام بي مويلر, مؤسس وكالة للإعلانات تدعى «دوور نومبر ثري», يتساءل الجانب التسويقي من شخصيتي في اذا ماكانت الشركات ,التي تلجأ للرموز الدينية , تقوم بهذا الفعل لأنها تشاطر هذه القيم او انها تتاجر بالقيم الأخلاقية التي تحملها هذه العلامات الدينية. ان العديد من الأعمال التجارية تقوم بوضع نفسها الى جانب الدين من دون الحصول على تصديق أعلى من جهة ذاتت ثقه «. وجائت تعليقات مويلر بعد مشاهدته لبعض الأنشطة التجارية في امريكا ولاسيما تلك التي تستغل الجوانب الدينية للمسيحية. وعن الغرض التسويقي الذي ترجيه هذه الشركات عندما يتم استخدام العلامات الدينية مع المنتجات, يقول مويلر :»انهم يقولون بذلك اننا شركة جيدة وصالحة وبإمكانكم الوثوق بنا».ويختتم مويلر مقالة بقوله:» ان رؤيتي الشخصية هي ان قيم العدالة و الثقة و الخدمات الجيدة ليست حصرية على الشركات التي تعتمد على الأساسيات الدينية (يقصد عند العمليات التسويقية لمنتجاتها). تقول صحيفة «ال أيه تايمز» :»يقول رجال الدين ان المعلنين يستميلون مشاعر النصارى من أجل اختيار منجاتهم على الشركات الأخرى التي تتبع منهجية التسويق التقليدية.