نشتكي من تصرفات بعض المشاهير بخروجهم المتواصل عن النص. في مجتمع محافظ مثل مجتمعنا هناك خطوط مرسومة بدقة يرى الناس أن على الشخص المشهور عدم تجاوزها تحت أي ذريعة، وتتعاظم المحاذير المجتمعية عندما يكون نجم الجماهير من المنتسبين للدين مثل المشايخ والدعاة والوعاظ، إذ يرى عموم الناس أن أي من هؤلاء يمثل الدين الذي يفرض على من يحمل همه أن يرتقي بنفسه عن تصرفات العامة أو الانغماس في ملذات الحياة ومتعها الزائلة، حيث الورع والتقوى والزهد ونذر النفس لترسيخ مبادئ الدين في نفوس الناس. المجتمع وهو يربأ بهؤلاء عن السقوط في وحل التصرفات غير اللائقة أو “النص كم” قد يقبلها من مشاهير آخرين، فلا يستكثر على فنان أو لاعب كرة مثلا الخروج عن النص الذي ألزم به الداعية خاصة إذا كان في حدود الدين والآداب العامة.

الإعلام بكل وسائله يقدم برامج نقدية قد تتجاوز حدتها في بعض الأحيان حدود المعقول وتصل للنقد الشخصي والتجريح ما يجعل البرنامج أو المقال المكتوب يخرج عن إطار الاحترافية وإيصال الرسائل بطريقة مغلفة مقبولة تحقق الهدف العام ولا تمنح المشهورين شهرة مضاعفة ولا تسلط الأضواء على المغمورين. البرنامج الرمضاني السعودي طاش ماطاش الذي توقف منذ سنتين من الأمثلة الحية للبرامج التي تعالج قضايا اجتماعية عامة دون أن تتعدى ذلك لنقد الشخصيات حتى وإن رأى البعض في ذلك الوقت أنه طرح قضايا دينية تمس مؤسسات وهيئات دينية معتبرة، إلا أن المعالجة أخذت طابع العمومية دون تسليط الأضواء على شخصيات بعينها، ولعل هذا البرنامج الشهير وبما طرحه في ذلك الوقت قد رفع سقف النقد وأباح تناول قضايا كانت عملية وضعها على مشرحة النقد من المحرمات.

بعض البرامج التلفزيونية خرجت عن إطار العمومية وتوجهت لنقد الأشخاص وبما يراه بعض العامة وجماهير النجم كبيرة لا تغتفر بينما هي في المقابل قدمت خدمة عظيمة للنجم لزيادة عدد متابعيه من جهة ولزيادة تعلق متابعيه القدامى به من خلال دفاعهم المستميت عنه والهجوم على البرنامج، وتقدم مشاهد تقليد بعض المغمورين خدمة جليلة لهم بتعريف الناس عليهم وحصولهم على شهرة طاغية لم يحلموا بها، والبرنامج رابح في كل الأحوال فسينال حظه من النجاح والانتشار، أي أن صناعة الشهرة مزدوجة بين البرنامج ومن ينتقده وكله على حساب المشاهد.

برنامج واي فاي الرمضاني على قناة إم.بي.سي نقد شخصية داعية فغضب محبوه غضبة شديدة ووضعوا له هشتق في تويتر وردوا بعنف على البرنامج وبوجه خاص على الممثل، وتعدوا ذلك بوضع صور الداعية في حساباتهم تضامنا مع نجمهم المفضل، ووضعت فنانة كانت قد تعرضت للنقد صورة الداعية في حسابها في موقف ظاهره التضامن مع الداعية وباطنه رد لاعتبارها وكسب المزيد من أتباع الداعية لحسابها، واحتفل مقدم برنامج مسابقات في نفس القناة بتقليد أحد الفنانين له ولم يكتف بذلك، بل استضاف الفنان بمداخلة تبادلا خلالها آيات الشكر والامتنان ونثرا الفرح والابتهاج بنجاحهما في المهمة.

البرامج من هذه النوعية تحقق الانتشار والمتابعة بنقدها اللاذع لهؤلاء النجوم، وأغلبية النجوم وحتى المغمورين الأذكياء يصمتون لعلمهم بأن هذه البرامج تصنع منهم نجوما ومشاهير ولا تنقص من متابعيهم، بل تزيدهم أضعافا مضاعفة.