قصص الناجحين في الحياة دروس مجانية ثمينة يستفيد منها كل من يريد ان يرسم لنفسه أو لأبنائه أو لمن يستشيره خريطة طريق تنتهي بهم إلى التألق والنجاح والتأثير في الآخرين.
شاهدتُ قبل أيام بثاً تلفزيونياً من محطة البي بي سي البريطانية عبر إحدى قنواتها العالمية تضمن مقابلة ممتعة مع سيدة أعمال صينية شابة في البرنامج الشهير Hard Talk أجراها المذيع جافن إيسلر. كانت السيدة الشابة تتحدث ببلاغة وبأسلوب آسر عن قصتها وهجرتها من هونغ كونغ إلى الولايات المتحدة وهي طفلة صغيرة بعد أن هرب والداها من الصين في أعقاب الثورة الثقافية في زمن ماو تسي تونغ، ثم التحاقها بالجامعة، والعمل في شارع وول ستريت في نيويورك حيث البورصة والبنوك ومنشآت الأعمال، وأخيراً قرارها العودة إلى الصين وتأسيس شركات ناجحة هناك. وقد أصبحت هذه المرأة العصامية، واسمها Zhang Xin ، ضمن أربع وعشرين امرأة مليارديرة في العالم ممن صنعن ثرواتهن بأنفسهن!
سألها المذيع عن أهم عامل ساعدها على النجاح وتحقيق ما وصلت إليه، فأجابت بلا تردد: إنه التعليم! ولولا التعليم ما كان بوسع فتاة صينية قادمة من هونغ كونغ أن تقتحم وول ستريت في مدينة الصخب والمنافسة الحامية «نيويورك» وان تنتزع لنفسها المكان والمكانة!
من المؤكد أن التعليم وحده لا يمكن أن يصنع النجاح في غياب بذرة الموهبة والقابلية والإرادة. دور التعليم هو صقل هذه البذرة واكتشاف الموهبة الطبيعية وتنميتها.
ومن المؤكد أنه ليس كل أنواع التعليم تحقق النجاح. هناك تعليم نوعي متقدم يتحدى الذهن ويفجر طاقاته الكامنة ويرتقي بالإنسان إلى آفاق عليا، وتعليم متأخر تلقيني يكبت العقول ويكبحها وينحدر بالإنسان إلى مستوى الآلة «الماكينة» المبرمجة التي تعمل بلا وعي وقد تنقلب في لحظة مباغتة إلى كائن مدمر خطير!
إن منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة «اليونسكو» ظلت تردد منذ سنوات طويلة شعارات تحث على التعليم النوعي باعتباره أنجح أنواع الاستثمار. وقد صدرت مؤخراً دراسة عن اليونسكو جاء فيها أن العائد على الاستثمار في التعليم مرتفع للغاية سواء للفرد الذي يتلقى التعليم أو للدولة التي تستثمر في تعليم مواطنيها, فعلى الصعيد الفردي توصلت الدراسة إلى ان زيادة سنة واحدة في مدة الدراسة التي يتلقاها الفرد ترفع دخله لاحقاً بنسبة لا تقل عن عشرة في المائة! كما وجدت أن كل سنة دراسية إضافية في مستوى التعليم الذي يتلقاه المواطنون في دولةٍ ما يؤدي إلى زيادة متوسط نمو الناتج المحلي الإجمالي لتلك الدولة بحدود 0,37 %. أما المنافع والعوائد الصحية والاجتماعية والثقافية وغيرها فهي مرتفعة جداً لدرجة يصعب تقديرها!
هل نحتاج، بعد ذلك، إلى التأكيد على أهمية التعليم وعلى ضرورة الارتقاء بنوعيته من أجل وطن متقدم ومواطنين منتجين؟!
alhumaidak@gmail.comص.ب 105727 - رمز بريدي 11656 - الرياض **** alawajh@ تويتر