الشهرة كالنار تحرقك إن رميت نفسك فيها، وتمنحك الدفء والراحة إن اقتربت منها بقدر معقول فلا يلفحك حرها ولا يتطاير عليك شررها.
مشاهير عرفهم الناس وتعلق بهم العامة لكنهم بدأوا مع زيادة وهجهم بانتهاج أساليب قللت من متابعيهم وقد تقضي على تاريخهم وتكره الناس فيهم إن استمروا بالسير في هذا الخط المحفوف بالمخاطر لأنهم ببساطة يظهرون في كل مناسبة سواء تخصهم أو لاتعنيهم، ويعلقون على كل حدث، ويصورون مع كل عابر حتى مع الجدران والأرصفة والأشجار، ويظهرون في كل برنامج. حبهم للظهور أثّر على شخصياتهم. صفق لهم العامة والغوغاء لكنهم فقدوا تدريجيا متابعة النخب الفكرية والمثقفة، وكثرة ظهورهم دفعتهم لمواطن الزلل. أخطأوا مرات عديدة فصفح عنهم الناس من باب إحسان الظن لكن كثرة الظهور والدخول في كل صغيرة وكبيرة ربما تعجل بالطامة الكبرى.
مشاهير تعاملوا مع الشهرة بذكاء وبات ظهورهم مقننا فبقيت أسماؤهم حاضرة في أذهان الناس حتى إن الكثيرين ينتظرون إطلالتهم بشغف، أذكر أن أحد المشاهير وقبل أن يكثر من الظهور الممجوج ويحترق كرته كان نشاطه القليل محل اهتمام الكثيرين، وفي ذلك الوقت أقام محاضرة بمدينة الرياض وعندما علم الناس بها توافدوا من كل مكان حتى أقفلت جميع الطرق المؤدية لموقع المحاضرة من كثرة الحضور.
المشاهير العقلاء هم الذين يقدمون أنفسهم للناس من خلال أعمالهم وإبداعاتهم ثم يتوارون ليتركوا للناس حرية طرح الرأي، مثل هؤلاء المشاهير يعمرون إلى مماتهم، ويبقى ذكرهم على ألسنة الناس وسيرتهم العطرة حتى بعد رحيلهم عن الدنيا. رائع أن يرتبط ظهور النجم الجماهيري بأعمال خيرية جليلة، ومشاركة في أعمال إنسانية تنفذها جمعية رعاية الأيتام أو المعاقين، وقبل يومين قام أحد نجوم المنتخب السعودي لكرة القدم ولاعب نادي الهلال الجديد يوسف السالم بالتبرع بجزء من عقده لصالح جمعية الأيتام بالمنطقة الشرقية وهو عمل إنساني فريد فالظهور هنا بالأفعال لا بالأقوال والتهريج وكسب الشهرة الكاذبة.
للأسف بعض النجوم الجماهيريين من الدعاة والفنانين واللاعبين والإعلاميين ليس لديهم سوى الكلام واقتناص أي فرصة للظهور حتى ولو كانت حفلة زواج أو دعوة عشاء المهم الفلاشات تشتغل، “واصبر خل أضبط نفسي علشان تطلع الصورة حلوة”. عندما تناقشت مع صديقي حول تلك الخطوات المجنونة لأحد الجماهيريين وكيف أنه يلهث وراء أي شيء يلفت الأنظار ويسلط عليه الأضواء قال لي هو معروف وعلم في رأسه نار ولا يحتاج لما تقول قلت له هذا صحيح ولكنه يريد المزيد وأن لا يعلو اسم أحد من الناس على اسمه وأن يظل وحيدا في الساحة بإصراره على البقاء في دائرة الأضواء مهما كانت النتائج. سكت صاحبي بعد أن هز رأسه وكأنه لم يقتنع بكلامي واكتفى بقوله “يمكن”.
وأنا أتابع محاولات أحد مجانين الشهرة القاتلة تذكرت مخاطرة الأمريكي غاري فولكنر لاصطياد زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن.عندما قبضت عليه السلطات الباكستانية آنذاك برر عمله بالبحث عن الشهرة وهو ما تحقق له عندما راج اسمه في مواقع التواصل الاجتماعي وأطلقت عليه ألقابا مثل رامبو والنينجا وتشوك توريس الجديد بل وأصبح غاري شخصية رسومية متحركة تعرض على موقع يوتيوب. لكن بكل تأكيد ثمن كل هذا المخاطرة بحياته وهو ما يفعله كثير من المهووسين بحب الشهرة.
Shlash2010@hotmail.comتويتر @abdulrahman_15