في البداية أتمنى أن لا تأخذ هذه الأسطر المتواضعة طريقها للنشر إلا وقد سمع وقرأ كل مواطن على هذه الأرض الطيبة قرارات ترضي وتلبّي حاجة كل منتظر لمزيد من الخير من الأيادي البيضاء للقيادة الحكيمة التي لن تألوا جهداً - كما عودتنا - للبذل و العطاء (المتوازن العقلاني) لرفاهية المواطن وعيشه الكريم، غير أني أضم صوتي للصفوف المنادية بالمبادرة وقبل إعلان أي مكرمة أو زيادة في المرتبات والمخصصات الاستثنائية للمواطن أن نستعجل الجهات ذات العلاقة بتشغيل نظام (ساهر للأسعار) ليراقب صعودها المفاجئ للمستهلك بين فينة وأخرى دون مناسبة، فكيف إذا شعر بعض التجار أن هناك زيادة في دخل الفرد المستهلك فإنها - كما عهد منهم في مرات سابقة - ستقفز قفزة قياسية صعوداً في فضاء ارتفاع أسعار السلع ولن تسلم حينها إيجارات العقار والمساكن وغيرها مما يحتاجه المواطن والمستهلك العادي والبسيط، مع إعادة النظر في فواتير الخدمات العامة، حتى لا يقع محدودي الدخل في دائرة الحيرة وترتفع وتيرة شكواهم من الأسعار ولن يجدوا من يسمع ويجيب، بل ربما جاءهم صدى شكواهم صادماً بما معناه:
ماذا يريد هؤلاء؟..
حتى مع الزيادة يشتكون و يتذمرون، ولم يعلم أو لا يريد أن يعلم هذا الصدى أن قرارات صدرت وكان يجب أن يصدر قبلها نظم وإجراءات تضمن جدواها ونفعها، وتكرّس تفعيلها بما يخدم الغرض المقصود منها خدمة للمواطن وتحقيقاً لضمان أكبر قدر من رفاهيته وفك اختناقه من أزمات معيشية ومالية تحدق بالكثيرين.
مراقبة الأسعار والحد من التلاعب بها مطلب أساس، وليس بدعة وكل دول العالم تعمل به بصورة واضحة وتطبيق جاد صارم لا تهاون فيه، وضبط الأسعار يعني الحفاظ على لقمة عيش المواطن وصون مداخيله ومساعدته على رسم خطوات لميزانية شهرية لمصروفاته، ثم إن على المواطن أن يكون متعاوناً مع نفسه وعلى جميع أفراد الأسرة أن يبدوا شيئاً من التعاون لكبح جماح المصروفات غير الضرورية، فليس هناك ما يبرر الجأر بالشكوى في كل اتجاه من أن (الراتب لا يكفي)، ثم نجد الأسرة بكاملها تنتشر بالأسواق والمطاعم والملاهي وتصرف دون اتزان وفوق طاقتها، نعم من حقك أن تلبس وتأكل وتتمتع وترفّه أطفالك لكن بحدود المعقول والمستطاع، وليس من الحكمة الانسياق لرغبات النفس والأولاد وتلبية كل ما يعنّ بخاطرهم مما لا ضرورة له، هؤلاء الأبناء في النهاية سيقولون في مرحلة بداية النضج:
ماذا ادخر لنا والدنا؟.
ولن يقولوا: كان كريماً يصرف علينا ببذخ ولو بالسلف والدين، يجتهد الشباب من الجنسين حتى يحصل على أي وظيفة بأي مرتب، ومع راتب أول شهر يتوجه (البعض) لشراء كماليات مظهرية زائفة لا تضيف له ولا لشخصيته أي ميزة جديدة، وربما كانت سبباً للتقليل من قيمته في أعين العقلاء، فالإنسان المتحضر الناضج لا يقاس بما على جسمه من مظاهر شكلية بل بما يختزنه عقله من علم وما يتحلى به من آداب وعلاقات راقية مع الآخرين، ثم لنتعظ بأحوال أقوام نرى أوضاعهم المزرية ونعجز عن مساعدتهم، فلنحمد الله ونحافظ على النعم.
t@alialkhuzaim