لا أحد يجادل في أن الرئيس التركي رجب طيب اردوغان استطاع أن ينجح في حكم تركيا بجدارة، وكان حصانه الرابح في ذلك هو «الاقتصاد «. هذا، ولكن الكل يتساءل عن تدخله السافر في الشأن المصري منذ الثورة الثانية في 30 يونيو الماضي، والحقيقة هي أن السيد اردوغان جاء إلى السلطة محملاً بكل الأحلام الإمبراطورية، فهو وريث الخلافة في الباب العالي، وقد بدأ واضحاً أنه، ومنذ زمن سبق ما سمي بالثورات العربية، كان يرغب في أن يكون بطلاً عند الشعوب العربية، وهي الشعوب التي تنحاز للصوت العالي دوماً، وللفرقعات الإعلامية الخاوية، ولا يمكن أن ننسى موقفه عندما انسحب من مؤتمر دافوس بطريقة صفق لها الشعب العربي طويلاً، ثم جاءت الثورة السورية، فماذا فعل السيد اردوغان؟!.
في الواقع، لم يفعل شيئاً غير الكلام، والمزيد منه، فقد اعتقد المتابعون، ومنذ بداية الثورة السورية، أن تركيا ستتخذ موقفاً حاسماً، قد يصل حد التدخل العسكري!، وكان هذا عطفاً على مواقف اردوغان، ثم اتضح أنه لم يفعل شيئاً يذكر، غير الكلام بالطبع، بل وصل الأمر درجة أن القوات السورية أسقطت طائرة تركية داخل الأراضي التركية، ولم يفعل الرئيس اردوغان شيئاً، وكان هذا هو بداية التشكيك في حقيقة الموقف التركي من الأزمة السورية، وعلينا أن نتذكر قضية القصف الإسرائيلي للسفينة اياها، وما تبعها من جعجعات إعلامية، وقد انتهى الأمر بالتصالح السلمي، فاسرائيل تعتبر تركيا واحدة من أكبر حلفائها، وأكثرهم تعاوناً، فبين البلدين مصالح مشتركة على كل المستويات، وماذا بعد؟.
أثبتت الأحداث أن السيد اردوغان كان هو المهندس الحقيقي للعلاقة الحميمية بين الولايات المتحدة الأمريكية، والتنظيم الدولي للإخوان المسلمين، وهو الذي أقنع الطرف الأمريكي بأن وصول الإخوان للسلطة في البلدان العربية سيجعل تلك الدول نسخاً من تركيا!، اذ إن امريكا تعتبر تجربة اردوغان ناجحة بكل المقاييس، كما أن اردوغان - ذاته - يعتبر نفسه عضواً فاعلاً في النسخة المطورة من تنظيم الإخوان، وذلك حسب افادة الدكتور ثروت الخرباوي، العضو البارز، والمنشق عن جماعة الإخوان، بفرعها المصري، وهو ينقل حرفياً ما دار بينه، وبين اردوغان في لقاء سابق جمعهما قبل سنوات، وكان أغرب ما في حكاية تدخل الرئيس اردوغان السافر في الشأن المصري هي مطالبته للجيش المصري بعدم المس بمتظاهري الإخوان. هذا، مع أنه لم يأخذ بهذه النصيحة عندما ثار عليه جزء من الشعب التركي - سلمياً - في ساحة تقسيم، فلا زالت صور المتظاهرين الأتراك، والذين هشمت رؤوسهم، وأجسادهم قوات الأمن التركية تنتشر في وسائل التواصل الإجتماعي، ومعنى ذلك أن الرئيس اردوغان، والذي ينتمي إلى تنظيم الإخوان، لا يدافع عن أعضاء التنظيم في مصر دفاعاً عن مبادئ الحرية، والديمقراطية، كما يقول، فلو كان هذا هدفه، لما تعرض للمتظاهرين الأتراك، وطردهم من ساحة تقسيم بالقوة الجبرية، بل يدافع عن «التنظيم « الذي ينتمي إليه، خصوصاً وأنه هو الوسيط الذي كان له له دور كبير في وصوله للسلطة!.
ahmad.alfarraj@hotmail.comتويتر @alfarraj2